الساحر (المخادع)
تأليف
سومرست موم
(تأليف)
سامح الجباس
(ترجمة)
عبد القادر أمين
(مراجعة)
كان آرثر بردون والدكتور بورييت يسيران معًا في صمت، فقد تناولا الغداءَ في مطعم في البوليفار بشارع سانت ميشيل، وأخذَا الآن يتمشيان في حدائق لوكسمبورج. وكان الدكتور بورييت يمشي منحنيَ الكتفين، عاقدًا يديْه وراء ظهره، وكان يرى المنظرَ حوله بعين عددٍ كبير من الرسّامين الذين وجدوا في هذه الحدائق الباريسية الرائعة مَجالًا عظيمًا للتعبير عن الجمال. كانتِ الأعشاب مفروشة بأوراق الشَّجر المتناثرة، ولكنْ هذه الشبكة اضمحلتْ قليلًا لتعطي اللمسةَ الطبيعية إلى الجوانبِ الصناعية. كانتَ الأشجار محاطةً بعناية بالشجيرات، والشجيرات بأسرة من الزهور، ولكنَّ الأشجار كانت تنمو بدون التخلّي عن الأفكار الواعية لمخطط الديكور الذي ساعدتْ على تنفيذه. لقد كان الخريفُ- وكان بعضهم- بلا أوراق بالفعل. كانت معظمُ الزهور ذابلة، أما الحديقةُ الرسمية فقد ظلت كأنها امرأة خفيفة لم تعدْ شابَّة بعد، التي تبحثُ مع الأناقة المتلاشية بواسطة المكياج والبودرة، لكي تعطي مَظهرًا شجاعًا لليأس. كان للحديقة هذه الزيفُ الابتساماتُ الصعبة لفرح غير ضروري، وكانتِ الأعشاب التي يُرثَى لها التي تحاول أن تكون ساحرة، ولكن السنوات المتسارعة كانت تجعله دون جدوى.