اقتباسات من كتاب من لندن إلى مكة: رحلة حج أول امرأة بريطانية

رددت وراء المزور التحية الواجبة عند قبر الرسول وهي : ‫ «بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليك يا خير خلق الله يا ماحي الظلمات رسول الله خالق الكون عليك أفضل الصلاة والسلام أنت نبينا ورسولنا وحبيبنا يارسول الله سلام الله عليك يا من أيدك الله بسيف نصره يا خير خلق الله كلهم وخاتم أنبيائه. أتينا إليك؛ وقفنا على بابك. عليك صلوات الله ورحمته وبركاته والحمدلله رب العالمين».

‫ الحركة المنظمة، والتناغم بين هذه الحشود، والسكون التام الذي يسيطر عليهم أثناء الصلاة خاصة عندما يسجدون وتلمس جباههم الأرض تذهب باللب وعندما يقومون من السجود، لا يقطع السكون الذي يخيم على المكان إلا حفيف أطراف ما يرتدونه فيتردد الصدى في فضاءالمكان.

في الإسلام نرى مملوك اليوم وزير الغد.

الإيمان شيء عظيم ويهب الحياة بسخاء تتحول حياة الأمم للتقدم والرقي الروحي والعظمة بفضل الإيمان كما حدث مع العرب ومحمَّدٌ خلال قرن واحد فقط من الزمان هبط شعاع نور على أرض مظلمة لا قيمة لها فتحول رملها لقناديل أضاءت من دلهي و حتى غرناطة

هو الصديق الصدوق، والكريم النبيل، والجسور الشجاع، ورجاء كل محتاج.

يغطي الكعبة كساءٌ أسود طرزت عليه آيات من القرآن بخيوطٍ ذهبيةٍ يحيط الحجاج بقاعدتها وهم يرددون الأدعية كما يلقيها عليهم المطوّف لا يستطيع قلم وصف هذا المشهدَ الجليل شعرت بضآلتي وأنا أقف هنا تعصف بي المشاعر المتضاربة من الهيبة والفرحة؛ فرد صغير وسط الإنسانية الكبيرة و تتملكني أحاسيس و عواطف شتى و حماسة دينية لم اعهدها من قبل.

ما قام به النبي العربي هو معجزةٌ بكل المقاييس فلقد نجح في تحويل مسار أمته من الجهل والإجرام إلى أمةٍ واحدةٍ تعرف حق الله عليها وتلتزم بواجباتها تجاه الجميع تحول الجاهليون إلى أمةٍ فتحت العالم بعد موته بفترةٍ قصيرة

وبفضل القرآن والإيمان الذي ملأ قلوبهم، استطاع المسلمون السيطرة على عالم يفوق ما قام به الإسكندر الأكبر وبلغ ملكهم ما هو أكبر من روما ومما أراد لها من نفوذ حققوا في عشرات السنين ما لم يحققه الإسكندر لها في مئات

‫ نادى محمَّدٌ بالتسامح وكفل لكل البلاد التي فتحت في عهده حرية الاعتقاد وكانت الجزية هي كل ما يدفعونه لقاء عدم الاشتراك في الحرب وهو ما كان فرضاً على المسلمين وكذلك تم اعفاؤهم من الضرائب منحتهم هذه الجزية التي كانوا يدفعونها حريتهم الكاملة في ممارسة شعائرهم الدينية .

م تبدأ الأمم الغربية في التسامح وتقبل الآخر إلا بعد أن تمردت على سلطة الكنيسة وتقبلوا المسلمين. كان الإسلام وحده هو من نادى بالتسامح كجزءٍ أصيلٍ من الإيمان.

‫ ﴿لَآ إِكْرَاهَ فِى ٱلدِّينِ﴾البقرة

زرع الإسلام عقيدة لا تهاب الموت في نفوس هؤلاء البدو جعلتهم يتفوقون على عدوهم. وفقاً لعادة الحرب آنذاك تبدأ المعركة بمبارزة.

وبالرغم من عدد المصلين الكبير إلا أن هذا لم يؤثر سلباً على حالة السلام التي عمت المسجد العظيم. بل لعل ما زاد المكان سلاماً وصفاءً هو الترتيل الذي لا يتوقف ليلاً أو نهاراً للقرآن داخل الحرم المقدس.

سرت رعشةٌ في بدني من هيبة الموقف وخلعت حذائي وعبرت العتبة التي اجتازها عدد قليل من الرجال الأوروبيين ولم تطأها قدم أي امرأة أوروبية من قبل.

فالحج بالإضافة إلى كل ما سبق قد وحد المسلمين كافة. إن كان هناك ما يجمع شتات قوى الإسلام المتفرقة ويجمع شتات أمرهم بعاطفة مشتركة فهو الحج يقينًا

أحكمت حجابي على رأسي ووجهي ثم تبعته إلى المسجد النبوي. اجتزنا بعض الشوارع الضيقة ثم وجدت نفسي أمر من بوابةٍ تفضي إلى ساحةٍ فسيحةٍ تحيطها العمدان وتغمرها أشعة الشمس وهديل الحمام. وأمامي، وقفت القبة الخضراء متألقة كحجر زمرد وسط زرقة السماء الداكنة في مثل هذا الوقت من ساعات الصباح الأولى.

في الصباح الباكر، يوقظني صوت المؤذن مخترقاً سكون الليل عبر مئذنة المسجد الصغير في نهاية الشارع. وفي هدأة الليل، بين اليقظة والحلم، أدرك مرة أخرى أنني في أرض الإسلام. أغادر غرفتي لبراح الشرفة خارجها. في الأفق أرى الفجر بازغاً من بعيد وهو يكسو السماء الشرقية بلون الشفق الأحمر بينما أستمع إلى صوت المؤذن الشجي: «الله أكبر، لا إله إلا الله. الصلاة خير من النوم. حي على الصلاة».

«ستحمل روحي للأبد متعة الرضا والسعادة التي غشيتها. لم تحمل لي الأيام السابقة إلا الخير، والجمال، والدهشة. لقد اكتشفت عالماً جديداً مذهلاً»

اجتزنا بعض الشوارع الضيقة ثم وجدت نفسي أمر من بوابةٍ تفضي إلى ساحةٍ فسيحةٍ تحيطها العمدان وتغمرها أشعة الشمس وهديل الحمام. وأمامي وقفت القبة الخضراء متألقة كحجر زمرد وسط زرقة السماء الداكنة في مثل هذا الوقت من ساعات الصباح الأولى.

سرت رعشةٌ في بدني من هيبة الموقف وخلعت حذائي وعبرت العتبة التي اجتازها عدد قليل من الرجال الأوروبيين ولم تطأها قدم أي امرأة أوروبية من قبل.

كم كانت سعادتي وأنا أتابع جناح الطائرة وهو يتحرك معلناً الاستعداد للهبوط على الأرض بعد أن أمضيت تسع ساعات بين السحاب عدت لبيتي الصغير تحيطني تفاصيل حياتي التي اعتدت عليها أتراني كنت أحلم طوال هذه المدة؟! هل كانت ليلة من حكايات(ألف ليلة وليلة)؟! تكفيني نظرة لدفتر مذكراتي لأدرك أن كل هذا كان حقيقة مطلقة لن يستطيع الزمان محو الذكريات التي حفرت في قلبي ستظل بساتين المدينة وسكينة الجوامع وآلاف المصلين الذين مروا عليّ وأعينهم تفيض من الدمع تبتلاً وخشوعاً حاضرة في ذهني لن أنسى عظمة وجلال المسجد الحرام في مكة ولن أنسى رحلة الحج في الصحراء قاصدين جبل عرفات ستحمل روحي للأبد متعة الرضا والسعادة التي غشيتها لم تحمل لي الأيام السابقة إلا الخير، والجمال، والدهشة لقد اكتشفت عالماً جديداً مذهلاً.

أودع بلاد الصحراء القاحلة، والواحات الخضراء، والأرض المباركة مهد الأديان إن لم يقدر لي زيارة الجزيرة العربية مرة أخرى فسأحيا بذكرى هذه الأيام الرائعة التي قضيتها هنا سأذكر مكة التي ينيرها الإيمان ولن تغيب عن بالي المدينة المنورة بحدائقها الغناء وهدوئها وسحرها.

.