رواية بديعة يقدمها لنا الأديب الشاب طارق الأزنجي، كتبها بعذوبة شديدة، وزخم متوقد، ولغة كثيفة، وحكي راسخ.
يفتح الدكتور وحيد عينيه ليجد نفسه راقداً في مشفى، مصاباً في عملية إرهابية، يريد ورقاً وقلم كي يكتب، كانت الكتابة هي ملاذه، تعرفنا بالدكتور وائل، والدكتورة زينب، والممرضة فاتن، والعميد هشام.
يحاول أن يكتب، يتذكر تفاصيل حياته، تأتي الحكايات متتابعة لتشي بسلاسل الألم، تبدأ بفقد أبيه وأمه، وجحود الفتاة التي أحبها، وتخرجه كطبيب، وتطوعه للعسكرية، وحياته بوحدته الطبية، والخمر والحشيش، والقهوة والسيجارة، والغراب ذو الريشة البيضاء، والحاج سيد والممرض محمود، وكاظم وسلمى.
كانت الغربان وعلى رأسها الغراب ذو الريشة البيضاء تعترض حياته، وكان نعيبها يطارده في كل خطوة.
فوق حجر الجوزة وبين أنفاسها، ومع خيوط الدخان وثمالة الكؤوس، حكى كاظم قصة سلمى، تَجرَّع وحيد كل الأحداث وكل اللحظات، وتصاعدت الدراما بين شجون وآلام ومصائر، واختلجت النفوس بين حيرة ومتعة وخطيئة، ثم تحولت إلى تراچيديا قاسية بين يأس وضياع وموت.
استخدم طارق الأزنجي لغة كثيفة مفعمة بالشجون ومفردات تنضح بالألم، كانت اللغة تتباطأ أحياناً كي تغرقنا معها في عالمها المشبع بالخوف والحيرة والضياع والهروب.
كانت الدكتورة زينب تشبه سلمى، وكانت تدعمه كي يتعافى.
بعد أن أفرغ كل البوح على الورق، يبدو أن خطاياه قد غُفِرت وأن نفسه قد تَحررت، ويبدو أنه قد قرر لحياته طريق جديد.
الرواية جميلة ولغتها عالية وتقنياتها الأدبية بديعة.