إن قراءة تاريخ الفكر السياسي المعاصر في لبنان والبلدان العربية هي في حدِّ ذاتها مسألة مثَّلثة الأبعاد: سياسية ونظرية وتاريخية مسألة سياسية ذلك أن قراءة فكرنا السياسي المعاصر لم تكن يومًا بريئةً؛ خاصة وأن صياغة هذا الفكر نفسها جاءت ضمن سياق التصدي لتسلُّط الآخر (الاستعمار الغربي) الذي حمل معه إلينا، من جملة ما حمل، بالإضافة إلى الثقافة اليونانية المتجددة، قراءته هو لتاريخنا وقد برزت عدم براءة هذه القراءة (الاستشراقية) من خلال مشروع إدراج تاريخنا الفكري ضمن ثقافة المستعمِر «الإنسانية» من هنا جاءت صياغة فكرنا السياسي تواكب قراءة المستعمر لتاريخنا؛ معيدةً إنتاجها، مُكرِّرةً عباراتها في المرحلة الأولى، ثم اكتشف
في البدء كانت الممانعة: مقدمة في تاريخ الفكر السياسي العربي
نبذة عن الكتاب
فالغالب يعرض على المغلوب رؤية ممنهجة للصراع جوهرها التماثل والصُّلح. ولا يعني هذا أن الغالب لا يعي كنه الصراع، أو أنه تغيب عنه «ممانعة» المغلوب، ولكنه يُمنهج للمغلوب شرعية استمرارية غَلَبته. وإنكارُه لا يطمس الصراع مع المغلوب؛ بل يطمس الطبيعة العدائية لهذا الصراع ويطرح إمكانية الصلح والوفاق بوصف ذلك حلًّا للتناقض. إن «العملية» الأيديولوجية التي يمارسها الغالب ليست مطلقة؛ فهي تصطدم بحدود «ممانعة» المغلوب التي يُدخلها الغالب في حساباته ويصوغ أيديولوجيته على أساس معرفته «الضمنية» بوجودها، ومجاهرته «العلنية» بتغييبها وطمسها وتشويهها. إن التعمية الأيديولوجية التي يمارسها الغالب تتناول -تحديدًا- ليس تناقض الغالب مع المغلوب؛ بل تشويه ممانعة المغلوب ضد السيطرة. وهي ممانعة ترتكز، في وعي المغلوب المباشر، على رؤية العلاقة على أنها تناقض لا سبيل إلى حلِّه وتمايز حاد لا سبيل إلى تسويته. وهذا ما يسعى الغالب إلى طمسه، وإلى أن يُحلَّ محلَّه رؤية تقوم على طرح النزاع بوصفه اختلافًا طبيعيَّا يؤكِّد «الهوية» و«التماثل» الأبدي، مع وعد المغلوب دائمًا بجنة المساواة الوهمية خارج علاقات القوة الفعلية، وهو وعدٌ يلازم كل الأيديولوجيات الغالبةعن الطبعة
- نشر سنة 2024
- 160 صفحة
- [ردمك 13] 978-977-6459-73-1
- مدارات للأبحاث والنشر
تحميل وقراءة الكتاب على تطبيق أبجد
تحميل الكتاب
105 مشاركة