الكوكب مليء بأُناس عاديون، رُبما أن من يفرق بين شخص وآخر أو ما يُميّز إنساناً عن أخوه الإنسان هو طريقة التفكير، يُمكنك أن تري الأمر في بدايته ساذجاً أو عادياً، وتسأل بمنتهي العجرفة وما الميزة التي يجنيها من وراء طريقة تفكيره؟!.
هُنا أنت وقفت علي حافة الأمر، علي بدايته، دون أن تكلف نفسك عناء تتبع سلسال التفكير الجيّد وإلي أين يُمكن أن يصل بصاحبه، التفكير الجيّد يجعلك أكثر ثقه من قراراتك وأسرع علي تنفيذها وأجدر أن تُتِم هذه القرارات وتحولها عبر آليه ممنهجه إلي أفعال حقيقية في وقت بسيط، التفكير الجيّد لا يقتصر علي العمل أو الإطار المحدد المنغلق الذي يوضع فيه الإنسان بحكم الموقف، ولكنه يتعدي ذلك ليكون خصله حميدة مهمه تُعين صاحبها علي الحياة بشكلٍ أفضل.
وإن كان هُناك العديد من العظماء الذين ولّوا فيمكن للقائمة أن تتسع لتشمل اسمك في مجالٍ ما مُجاوراً لهم أو ربما متفوقاً عليهم إن أحسنت التفكير، من يدري.
يبدأ الكاتب الحديث عن عوائق وضوح الأفكار مُبيناً ذكر أهم عناصرها وطريقة تشويشها علي التفكير وكيفية تجنب ذلك أو التعامل معه بشكل صحيح.
المنطق المغلوط، الإدراك الخاطئ، التفكير المتزمت، كل نقطة كان لها حديث خاص مُستفيض بلا إسهاب، وكأنها ركائز ذات خطوات مُتتابعة تؤدي بالنهاية للوصول إلي تفكير مرن ومنضبط وسليم.
لهذا شرع بعد ذلك في عرض الأطر الثلاثة للتفكير مُبيناً كل واحدٍ منهم علي حِدي وشارحاً آليات عمل كل إطار وطريقة تنفيذة والتعامل به.
ثم أخرج الكاتب تفكير القارئ من قالب الحلول التقليدي إلي حلول إبداعية للمشكلات وطرق متنوعة لاستخدام هذه الحلول مع ضرب الأمثلة علي ذلك للتوضيح، والنظر للمشكله بشكل جوهري حتي يمكن اكتشافها بسهولة ورؤيتها بوضوح وبشكل صحيح وهو ما سيؤدي إلي حل مناسب وتعامل سليم مع المشكلة.
وبعدها بسط في تشريح الذاكرة وتبسيط ماهيتها وجعلها أكثر حضوراً وأسرع استجابة، وبيّن أهمية ذلك وانعكاساته علي القرارات، ومن ثم البعد عن التردد والإقبال علي اتخاذ الخطوات المناسبة.
وبالنهاية أوضح لماذا اينشتاين؟ لأنه حل نظرية النسبية عن طريق تجاربة الفكرية الشهيرة.وكما بدأ الكتاب بلغز انتهي أيضاً بحل هذا اللغز بشكل غير متوقع.
يُصنف الكتاب في دائرة تنمية الذات والعمل علي تغيير النفس وتحسينها وزيادة قدراتها، وإن كان الكتاب به بعض من النظريات الحسابية الصعبة، فإن الكاتب تلاقي ذلك بضرب الأمثلة وتوضيح ماهية الأمور بشكل متنوع يفهم منه المُتلقي مراد الكاتب وتراتبية أفكارة المطروحة في الكتاب.
ترجمة الكتاب دقيقة، انسيابية، ممتازة، واضحة في كل فصول الكتاب الذي أكثر ما يميزة هو الفكرة، أنه يتعامل مع العقل والأفكار وآلية اتخاذ القرارات وينهي سياقات التخبط والتردد التي تأخذ من صاحبها الكثير من الوقت والمجهود وتضيع عليه الكثير من المغامرة والتعلم.
كتاب جميل وفارق يُنصح بقراءتة.