"عند هذا الموضع تنقلب الطبيعة التي يتخذها الجماد، تتفاعل مع حركات البشر وأفاعيل الزمن فتصير طبيعة حية بعد أن كانت بلا روح. هذا الموضع مُحرّم على جميع أولاد 'إلبا' أن يطؤه، أن يلمسوا ترابًا بالقرب منه…" - سواكن الأولى لابن الأقصر وليد مكي 🇪🇬
قرأت هذه الرواية بعد ترشيحات من بعض الثقاة (الذين يتضاءل عددهم شهرًا تلو الآخر)، والحق أني لم أتركها إلى أن انتهيت منها. مشوقة؟ نعم، فبها غموض ومغامرات وغرائب وعجائب. شخوصها مرسومة بعناية؟ إلى حدٍ بعيد. إيقاعها؟ مناسب تمامًا لتصاعد وتيرة الأحداث. لغتها؟ ممتازة. ما الذي ينقصها إذًا؟
قبل أن أذكر مأخذي على الرواية، أحيي المؤلف على اختياره منطقة جبل إلبا في جنوب مصر وما حولها مسرحًا للأحداث، وأثمّن الجهد الذي بذله كي ينقل للقارئ الظرف الإنساني الخاص بالبشارية وحياتهم الاجتماعية وثقافتهم وتاريخهم في تلك البقعة المسحورة من جنوب شرق مصر، فقد رسم لنا لوحات حية من تراثهم غير المادي وتقاليدهم والميثولوجيا التي يتشاركونها، بل وأورد مقاطع من تراثهم الشفهيّ في الرواية.
البشارية في الرواية يؤمنون بالجن والعفاريت ويتواصلون معهم، وهو أمر أحسبه صحيحًا (حيث أن إقحامه لإضفاء بعد درامي عجائبي يُخِل بأمانة العرض)، ولكن، في رأيي، بالغ المؤلف في توظيف هذا العنصر: أحيانًا، يتسبب الإمعان في التلغيز إلى الإخلال بمصداقية العمل الأدبي، وهو ما استشعرته في بعض منعطفات هذه الرواية. مأخذ بسيط على رواية مهمة، أرجو أن يتبعها المزيد لوليد مكي.
#Camel_bookreviews