لا تبدو الملامح ذاتها أبدًا في أي لقطة، إنها انعكاس اللحظة بكل ما فيها، انعكاس المكان والزمان والأشخاص والراوئح.
عازف التشيلّو
نبذة عن الرواية
هنا محاولةٌ لخلقِ الإنسان من جديد. على أنغام الموسيقى تهتدي الأرواحُ وتتآلف الأجسادُ ويُعاد خلق العالم. كُلُّ واحدٍ منَّا مكوَّم داخل ذاته في ركن مظلم وصامت، يحاول النفاذ من وقتٍ لآخر من ثقوب حقيقية أو حتى مُتخيَّلة، هاربًا من حياته، لكننا في النهاية مجبرون على المُضيّ والمتابعة، فلتكُن الرحلة هيِّنة إذن! فليستمع كُلٌّ منَّا لمعزوفته الخاصة ويتبعها لعل دروبًا أخرى تنفتح. ستسمع الموسيقى من أوتارٍ مشدودةٍ على ظَهْر حبيبة، من أصابعِ حبيبٍ كأصابع البيانو، من شامةٍ سوداءَ على وجه فتاة، من ثقوبٍ متعددةٍ في الحوائط، من ذَكَرٍ مُتقلِّصٍ وعاجز، من صوتِ أغنيةٍ ضائعة. من القبح صُنع الجمال وصُنعت القصص والحكايات. فنجد أن ثقبًا واحدًا في سفينة، جعلها السفينةَ الوحيدةَ الناجيةَ في الحكاية. فهل تجدُ نفسك الحقيقيَّة وتعزُفها عبرَ ثقوبك وندوبك وأوجاعك؟عن الطبعة
- نشر سنة 2024
- 152 صفحة
- [ردمك 13] 9789774907272
- دار العين للنشر
تحميل وقراءة الرواية على تطبيق أبجد
تحميل الكتاباقتباسات من رواية عازف التشيلّو
مشاركة من Doaa
كل الاقتباساتمراجعات
كن أول من يراجع الكتاب
-
Ola Abdel Moniem
لا تتوقف شيرين فتحي عن ابهاري، فمن بعد خيوط ليلى وضحكة خالد ثم قراءتي لرأس مستعمل للبيع مؤخرا وصولا لعازف تشيلو وهي القديرة في مزج الخيال بالواقع فلا تنتج واقعية سحرية بس جمالا ساحرا لا نستفيق إلا مع النقطة الموضوعة في نهاية سطر آخر النصوص.
تفوقت على نفسها في هذه المرة فأغرقتنا في بحر من الثقوب والدخان الأبيض والأبواب المغلقة واستمتعنا بالموسيقى الحية لعازف التشيلو على أوتار جسد زوجته، استمتعت معها بالاسقاطات المتميزة والكنايات والتوريات والرمزية التي أخذتني كثيرا ودفعتني دفعا للتفكير في معان أخرى خفية غير التي وصلتني.
لغة شيرين دائما لطيفة سهلة فالخيال المسيطر يفسده تقعر اللغة ويذهب متعته.
كل الحكايا والقصص رائعة
لكن ثقوب
عازف تشيلو
وعلى رأسهم أبواب هم الاكثر تأثيرا في روحي.
كل التوفيق لشيرين فتحي وننتظر جائزة جديدة لهذه المجموعة المتميزة والمختلفة.
-
Mohamed Osama
#ريفيوهات
"عازف التشيللو......عن رسالة في طوق الحمامة"
"في مجيئي إليك احتث كالبد
ر إذا كان قاطعاً للسماء
وقيامي إن قمت كالأنجم العا
لية الثابتات في الأبطاء"
-حول هذه الأبيات التي نظمها الإمام "عليّ بن حزم الأندلسي" في كتابه الشهير "طوق الحمامة في الألفة والألاف" يمكننا أن نتوقف مستفهمين عن حاجة الكاتب في تقطيع الكلمة الواحدة "البدر- العالية" بين شطري البيت الواحد. ربما الإجابة القريبة على العقل هي أنها مجرد تطويع للكلمات على ميزان العروض وبحور الشعر. لكن بعد تأمل ممكن أن نجد له سببا أبعد، لكنه بشكل ما يمثل روحا صافية تنطلق لتآلف بين ذهن الكاتب وبين حكاياته المذكورة ونظرياته . فنراها تتوائم-بين ابتعاد الأحرف شكلا واتصالها نطقا- مع قرب ابن حزم البالغ للعلاقات الإنسانية المتأرجحة بين الاتصال والانفصال والمجانسة والتنافر، وأيضا في تجسيد التفسيرات والطرق المجتهدة في الوصول لشيء يقرب للتعريف بالحب وأشكاله -كالحب من أول نظرة، والحب بالوصف- وما اشتق عنه من تفاعلات مثل " الهجر والوصل، والطاعة والمخالفة"، دون خدش لمكانة الحب وسره في سحر القلوب وجذبها. بل ويشكل بوابة -في رأيي وقد قرأت بعضا منه- للتفكير في قصد الكاتب وفكرته المؤرقة. والمتمثل في سؤال: بماذا يعيش -أو بالأحرى يقاتل- الإنسان لو تكبلت يداه: شهوته ورغباته، وعقله ومحاولات التماشي مع حاضره وتطويره إن لزم؟
-وربما ذاك السؤال، هو ما جذب الكاتبة "شيرين فتحي" بالمحاولة -برأيي- في تناول السؤال بمجموعتها القصصية "عازف التشيللو "-الصادرة عن دار العين للنشر بالعام الحالي- والسير تحت ظلال الفكرة-أو قريبا منها- التي وضعها ابن حزم ومن ثم تطويرها وإعطاءها صورة أفضل. وذلك عن طريق شخصيات وحيوات مجسدة بطول القصص مثل "أنا الحقيقية، الصوت المفقود، عشر دقائق مقدسة، عازف التشيللو، ودخان أبيض". تطوف فيها الشخصيات في مسعى واحد، وهو محاولة إيجاد النفس واستعادة الإحساس الذات والشعور باستحقاق البطولة لرحلتهم. وربما تنال الشخصيات فعلا مرادها -كما قصص "عشر دقائق مقدسة، شوربة الأقدام، وأقبح امرأة في العالم" فتحصل على خبرة ومعرفة بما يكفي كي تقترب من الاكتمال بتجانس الصفات المتضادة في كيانها لتجعلها في مكانة رفيعة، تمكنهم تلك المكانة-كما تقول البطلة بقصة دخان أبيض في إحدى انتفاضاتها بأنها صارت الرائي والمرئي معا- إلى النفاذ لنفوس أقرانهم مشفقين على حالهم، واضين أنفسهم كعلامة للنجاة كي يخلصوا إليها، ويخلصوا بها.
وعليه، فإن العلاقة القائمة على التضامن الشعوري، سواء فيما ما بين العجوز وبطلة قصة "الصوت المفقود" يأن ظل محتفظا بصوتها الباكي فحفظت جميله مستقرة معه، أو في إصرار الزوجة بأن تبدل متعة الأخذ الخاصة بها، بمتعة الزوج في العطاء بقصة "عشر دقائق مقدسة"، هي ما تقوي تلك المجموعة؛ تنقل التجارب من حكايات محددة بأطر الزمان والمكان وحبكة القصة، إلى لحن مختلط شجي، تهيم فيها التجارب لتبدل ترتيبها وترمم مفقود حكايتها أو ثقوبها، أو تجيب على إشكالياتها المؤرقة. فنستطلع ذلك جليا بين قصص " أنا الحقيقة، وأقبح امرأة في العالم، وشحاذة من نوع آخر، وعازف التشيللو، ومرآه" وبين قصص "ثقوب، وحيل الاستبدال، وأبواب" فنرى خيطا ينفلت فيه اللحن من عالم القصص السعيدة نسبيا الواقفة على عتبة النهاية، إلى عالم القصص القاتمة قليلا، فيغمرها بالحلم، ويشعرها بالرضا والسلام، ومن ثم التحليق مقتسمة حرية الطيور.
-ولعل هذا لم يحدث بشكل متناغم، إلا بمحاولة الكاتبة الاقتراب من ذوات مختلفة، والانزلاق داخلها. ثم التعايش مع تجاربها المتفاوتة في العمق نتيجة تتابع الانطباعات المتبادلة بينها وبين الأشياء والأماكن والأشخاص- لنصل إلى وصف بطلة قصة "حيل الاستبدال" في علاقة الزمن بالماضي بأنه يحولها لمرآة متباينة الأزمنة-. وأيضا التعرف على كيمياء المشاعر داخلها، وكونها في دائرة مغلقة؛ تنفلت من ذاتها-على هيئة لحن مقبض تقوم الكاتبة بعكس انتقالاته في قصة "عازف التشيللو" كمحاولة من البطل لمداواة زوجته- تاركة ثقب لا يمكن تعويضه ثم تتأثر بها بشكل تتفاوت فيه الشدة والألم.
-ومنه تحاول الكاتبة جاهدة الوصول لقلب النفس، أو الطينة الفطرية فيها المتوارية بين رهانات السيطرة والتوجيه -كما بقصص "حيل الاستبدال، وغرفة سامسا، وشوربة الأقدام" وبين المناورات المؤجلة للحظات المواجهة -والتي تؤدي لتعاظمها -كما بقصتي "حيل الاستبدال، وثقوب". لتستكشف روحها الراغبة في إكمال لغزها وسرها كقطعة "puzzle "، وكذلك في تعديل فراغات نتجت من انعكاسات دنياها أمام أعينها فتخفف وطأة عذابات النفس التي تملؤها بالتبعية.
تعرفنا "شيرين فتحي " على تلك الرغبة بقصص "دخان أبيض، ومرآة، وعشر دقائق مقدسة، والصوت المفقود، وغرقة سامسا، وشوربة الأقدام"، فنرى فيها اتفاقا ضمنيا على السعي لوجود الأليف المفقود، متسلحين بإيمان خالص على شهود كليهما التشكل والخلق واحتياله أحدهما أثناء ذلك بوضع بصمة تجذب أحداهما للآخر كما يجذب الصياد سمكته. ومن نقطة اللقاء -تأكيدا على سطوة الواقع- تشعب الكاتبة المصائر، فإما أن تغلب الغريزة فتظل لعبة الصياد والفريسة قائمة كما فعل الزوج متلذذا بهدم بطلة قصة غرفة سامسا، أو كما فعل الكل.ب منتصرا لشهوته أمام كلبة بطلة قصة "حيل الاستبدال ". وإما يتم تبادل الأدوار فيرى الصياد ما تراه الفريسة والعكس، مثل قصة "عشر دقائق مقدسة ".
وإما الوصول لأعلى تلك الطرق منزلة، وهو التلاقي -واقعا كان أو خيالا- وترميم المعطوب بين الطرفين، والتمازج -كما برمزية الحضن بقصة مؤسسة الأحلام- ليصبحا كيان واحد، لا يريد أن يقبع نفسه تحت آبار عميقة، بل يريد أن يكشف عن نفسه متخففا من ألمه والذي تحولت من مناورة مستترة إلى كونها حية صريحة -نظرا لالتقاء النصف الآخر التي أشارت إليه الكاتبة بقصة مرآة بامتزاج الدم بين بطلي القصة- لا بد من البوح بها، فتصنع منه لحنا خفيفا، يتمكنا فيه من اللعب على قلوب مستمعيها، لصدقها، وانتفاء مبهمها، فتحقق شعور الشفقة المتراسل منهم وإليهما وقد ارتقيا بوجود ذاتهما بعد ضياع طويل.
بالنهاية أراها مجموعة بارعة في استخدام الرموز وتوظيفها في تكوين حيوات الشخصيات وإيضاح الفكرة. وذلك باستخدام جمل سردية قد تميل إلى تطويل قليل أحيانا، لكن يعادل ذلك وضع حوارا سلسا يسهل انتقال الحبكة وتتابعها للقارئ خصوصا في قصة "شبح أبيض"، فنرى بالمجمل "كونشيرتو" تستبدل فيه بحيلة ما الأدوات إلى مشاعر موزعة، تجذب وتدعوه ليجد نفسه ومن ثم يتفاعل معها، ليعود لواقعه راضيا وجد في زحمة أيامه لحظات تخصه وحده.