رواية أصوات هي بالأساس عن شاب مصري مسيحي يمثل الجيل الرافض للفساد والحالم بالتغيير لكنه مستكين وسلبي، رغم أن أبيه من أركان هذا النظام الذي يرغب في الثورة عليه. يهجر "يوسف" هذا العالم الكبير الذي يرفضه؛ عالم مصر الجديدة إلى شقة بسيطة في المنيرة يعيش فيها مع شاب سُنّي هو "المهندس الشيخ ياسر".
العنوان والغلاف متناغمان ويكملان بعضهما لكن العلاقة تُفهم من قراءة النص؛ فـ"سرايا مصر الجديدة" ترمز إلى عيش الثراء والرفاهية المتولد من الفساد وإلى مركز الحكم في مصر حيث قصر الرئاسة، أما الغلاف فجاء بمبنى ماسبيرو وهو المكان الذي قهرت فيه ما تمثله هذه السرايا من نفوذ آمال المسيحيين ومطالبهم بالمواطنة ومن صورها بناء الكنائس دون تعقيدات. تجلى هذا القهر في مقتل مينا دانيال صديق "يوسف" وهو يرفع صوته بهذه المطالب.
الرواية تتناول حياة يوسف بعلاقاتها المتعددة؛ أبوه وحبيبته وصديقيه المسلم والمسيحي وأخته والجنايني وغيرهم في مشاهد سريعة متفرقة تعطيك الصورة كاملة دون وجود لغز أو حدث رئيسي ندور حوله أو حبكة بالمعنى المفهوم. بعض أصوات الرواة لم يخدم الرواية خاصة أنهم لم يرووا سوى فصل واحد. كذلك لم تكن هناك ضرورة لتسمية بعض الشخصيات التي تظهر لمرة واحدة.
أجاد الكاتب عرض تفاصيل مهمة تخص عمليات الفساد وكيفية التربح منها لكنها جاءت كمعلومات تُذكر دون أن نعيش معها وقتا أطول وكنا بحاجة لذلك. الرواية أيضا تحكي عن قوة الصداقة بين يوسف وياسر لكننا لا نعيشها بين السطور، وإلا لماذا يكون "عسلية" مصدر خبر موت ياسر إثر مشاركته في المظاهرات (خاصة أنها تضامنية مع شعب الكنيسة وبالتالي أدعى لأن يعلم بها يوسف) بينما يعرف يوسف أن صديقه في الإسكندرية لزيارة والديه؟
أيضا في أزمة "يوسف" النفسية بعد مقتل صديقه مينا دانيال لم يكن الأفضل الإتيان بالنتيجة أو الخلاصة وهي ذهابه إلى معالجة نفسية قبل أن نعيش معه الأزمة.
اللغة بسيطة سهلة شابها قليلا استخدام أفعال مساعدة، وخلط الحوار بين العامية والفصحى فجاء غريبا نوعا ما وكان الأفضل أن يثبت على أحدهما. أيضا لفظ "تنصّر" ورد مرة على لسان "مايكل" في حوار مع يوسف والمسيحيون لا يستخدمون هذا التعبير فيما بينهم حسب علمي.
حوار السمكتين الكبيرة والصغيرة في الفصل الأول جميل ويلخص فكرة الرواية التي تدور عن الفساد والثورة في قالب عائلة مسيحية لم نرها إلا قليلا في الروايات التي تناولت الثورة.