الاسم الأنسب لهذه الرواية ليس أخفي الهوى ، بل أبدي الكراهية و الحقد.
رواية ناضحة بالكراهية للمختلف برؤية مؤدلجة ساذجة ، تكرار بدون أي جهد او تفكير او تحليل جاد لشخصياتها او تصويرهم. لا يختلف الطرح في سذاجته عن طرح رجل الشارع.
رواية من السعار الجنسي و الشخصيات التي تعيش بدون أدنى ذرة ضمير أو مرجعية أخلاقية. والملفت للأمر أن لا احد يتحدث عن الهوى او الحب، فقط الجسد هو الحاضر، الكل في حالة هياج جنسي، مستعد لأجل ليلة واحدة ليجرب الاخر أن يقتل او يهمل او يجن. هنا لا مكان لرومانسية الحب ابدا، الابطال مشغولون بهرموناتهم و شهواتهم، الكل يخون الكل وبالذات الاصدقاء، الازواج، العشاق، حتى المومس تخان!
الطبيبة النفسية تخون صديقتها مع زوجها بحضور طفلته، والطفلة تقتل ولا ادنى شعور بالذنب عند الاب او عشيقته اللذان كان يتطارحان الجنس، فيما الطفلة متروكة و مهملة، حتى قتلت.. لا احد حاسب اهمال الاب الشبق ولا الطبيبة، و من ثم تضفى هالة من الرومانسية و التعاطف على ذاك الأب الطبيب، الذي خان مهنته و شرفها كما خانتها عشيقته الطبيبة النفسية ، مشكلتي ليست في الخيانة بل في وصفها كتحصيل حاصل للرغبة و اضفاء مسحة من التعاطف معها، بينما نجد احتقار وازدراء لامراة مطلقة عندها ثلاثة اولاد فكرت بالارتباط برجل، ووصفت بالجسد المترهل و المستغلة! هذا التباين يكشف عن خلل في الطرح فلا مبدأ تنطلق منه الرواية لمعالجة الاحداث كوقائع، بل من منظور انتماء الشخصيات الطبقي و الديني.. مثلا تسارع احدى البطلات المعروفة بعلاقاتها و حملها و اجهاضها بدون زواج للتبليغ عن ابن اخت بدعوى ان هناك مظاهر تدين تظهر عليه، وفي ذلك استغلال للطفولة من جماعات تصفها بالمتشددة، في حين يتسامح المجتمع في تحررها الجنسي، بينما هي تدين مباشرة المتدينين و تقولبهم بصورة الارهابيين، لمجرد ان يطيل احدهم الصلاة، ولا يود السلام عليها بعد ان انتشرت قصص علاقتها.
وكالعادة اي شيء يتعلق بالمتدين فهو ارهابي حيواني شبقي نزق بدوي بشع قصير القامة مختل سكير زير نساء.. الكل في هذه الرواية يخون الكل و يمجد الخونة، وحدهم المثليون هم القديسون و المحبون للحياة.. بينما المتدينون أناس يجب ابادتهم لتحل السعادة..، وهنا لا تفرق الرواية بين المتدين الشعبي أو المتدين المنتمي للتيارات المختلفة من تيارات الاسلام السياسي، فالإدانة تطالهم جميعا.
هناك نقطة مهمة، الرواية فيها اختلاف كبير في اسلوب الكتابة بين الجزء الذي يتحدث عن فتى البراري القاتل، و عن باقي احداث الرواية.. ليس اختلافا في الاسلوب فقط بل اختلافا في المنطلق و الفلسفة و الرؤيا التي يكتب فيها كل جزء، حتى يكاد المرء يقول ان هذا الجزء له كاتب اخر.. قد ، وقد تفيد التشكيك لا التحقيق.. اذا اخذت هذه النقطة بعيدا عن التشكيك فهي نقطة قوة النص.
اما الباقي ، فليس لي طاقة باحتمال كل هذه الكراهية و الأدلجة.. يا الله كم هو مخيف هذا الفكر الاقصائي الذي لا يتوانى عن توظيف قوالب جاهزة و نمطية للبشر.. ألا يستحق الامر بذل بعض الجهد للتعرف على الاخر قبل شيطنته.. شيطنه يا اخي، اكره المتدين كما تريد، لا مشكلة لدي بالنقد .. لكن ابذل جهدا ادبيا في رسم الشخصيات، لا تكن كسولا، شيطن غريمك ببعض الذكاء .. ابذل جهدا اكبر ارجوك..