"وفي لحظة تنوير تأخرت عن عقله بسبب عدم تناوله أي طعام منذ ساعات طوال، أدرك أن كل الجالسين في الممر، الطويل منهم والقصير، الممتلئ والنحيف، المُسن والشاب، كانوا يشبهونه إلى حد كبير." - مرحلة النوم لمحمد خير 🇪🇬
بداية، لست من هواة أدب الديستوبيا أو الفانتازيا، ولذا من الصعب بمكان أن أقرأ عمل كهذا وأنهيه في يوم واحد وفي ظل وجود عشرات الأعمال على قائمتي لقراءات النصف الأول من العام. هنا وجب علي الدفع بتنويه آخر، إذ أن اختزال ما كتبه محمد خير في "خانة" الديستوبيا أو الفانتازيا وحدها لهو عين التسطيح، حيث أن الأسلوب الأدبي في هذا العمل ما هو إلا قاطرة لظرف إنساني بالغ الدقة ووثيق الارتباط بقضايا تشغلنا وتُشكل حاضرنا ومستقبلنا ما بين خوف واغتراب وعُزلة في عالم لم يعد خاضعاً لمنطقنا الإنساني المباشر المرتكز دوماً على السببية.
الرواية تحمل بين طياتها جميع مسببات الدوار ما بين شتات البطل وسيريالية التحولات التي شهدتها أحياء قاهرية نعرفها جيداً واستحضار مظاهر لثقافات غريبة عنا تتجسد نصب أعيننا وتقتحم ما تمسكنا به ذات يوم كفضاءات حميمية. ومع تعاقب الخطوات التي يخطوها القارئ (وتعثرها في مصائد العمل) تتعاقب الأسئلة: كيف حدث هذا التحول للمدينة ولأناسها؟ هل تعصف العولمة ذات يوم بذاكرة المدن؟ هل الاغتراب ثمن عادل وحتمي للتغيير الجذري؟
الرموز في الرواية كثيرة والأسئلة المفتوحة أكثر، وهو ما أقدره في هذا الشكل من الأدب. نأى خير بنفسه عن التكلف في العبارة وعن الزج بحوارات فلسفية لا تحتملها الرواية، أما الرموز، فلا أود أن أتحدث بلسان المؤلف الذي لا أعرفه كي يجد القارئ مساحة حرة لاستلهام المعنى أثناء القراءة.
#Camel_bookreviews