الاختبار والاعتبار
تأليف
المنجي القلفاط
(تأليف)
من جوامع الكَلِمِ الموزونة بمحمود الحِكَمِ، يقرأ القارئُ الكَلِفُ بالشعر في هذا الديوان، ما رقّ لفظُهُ فكان عذبَ الوقع سهلَ المأخذ، لا ينتكث فتلُه. فهو يجري في نغمة ناغمة وحروف متقاومة. ويستدرّ السامعُ الوَلِهُ بالبيان، ما لطُفَ من المعاني التي يُطْمِعُ مشهودُها بالسمع، ويمتنع مقصودُها على الطبع. فلكأنّ بينه وبين القلوب نَسَبا وبينه وبين الحياة سببا. شاعر يذود القوافيَ ذيادا، وينتقي درّها المستجادَ. ولا يُسْتَغْرَبُ الخيرُ من معدنه والشعرُ من مورده والغيث من سمائه. فقد علمنا عن الأستاذ المبدع المنجي القلفاط من صفاء الذوق وسَعة العلم بعيار الشعر، ما يجعل سهمه في البلاغة نافذا وافيا وحظّه من موهبة الشعر موفورا مستوفيا. وتشهد حصافةُ القراءة، في ما ينظم والإصاخة لِما يرسِلُ، أنّ كلامه ينبعث من عفو الخاطر، فيكون أصفى، ومن كدّ الرويّة في غير تكلّف، فيكون أشفى. فكان أدنى إلى التلطّف الخافي أنأى عن التكلّف الجافي، قد خَلُصَ من شوائب التعمّل وزكا عن شوائن التعسّف، لأنّه يجزم إذا حدّث ويفصل إذا حَكَم ويصدق إذا أسند.