يُمكن أن نعد "الضفاف الأخرى" بمثابة تتمة لحكايات وشخصيات من روايات سبقتها لنفس الكاتب، ألا وهي: "كانت السماء زرقاء"، و"المستنقعات الضوئية" و"الحبل"، مع إضافة لخط أحداث جديد يمتلك نفس الفكرة التي يُجاهد "إسماعيل فهد إسماعيل" في سردها، وهي عناء الإنساء وشقاءه في الحياة، وتلك الاختيارات المتعددة التي نضطر إلى اختيارها وتحمل ما يترتب عليها، وبالطبع الجو العام للرواية سيكون سوداوي وكئيب، هناك ظلامية تُغلف كل شيء، ويلوح الخطر بالأفق، وجاءت "فاطمة" لتكون البداية والنهاية، الجميع طامع في فاطمة، الجميع يريد فاطمة، ولا أحد يكترث، ماذا تُريد فاطمة؟ وحكايات متضافرة لا يُمكنك أن تتجاوز عتبة رمزيتها، فأدعي أن فاطمة ترمز للوطن بشكلاً ما، فتجد الجميع طامعاً في أن يضمها لنفسه فقط، ولكن، على الرغم من ذلك، هناك روح ثورية، هناك دخان كثيف دليل على ذلك، مجموعة من البشر قرروا الاكتفاء من الخوف والخنوع، ويحاولون التمرد ولو بطريقة ساذجة، ولكنهم على الأقل يُحاولون فعل شيء، أي شيء.
ولكن، أكثر ما يُميز هذه الرواية، هو طريقة سردها، فالحكاية التي يُمكن أن نعتبرها في زمننا مستهلكة، بعد مئات القراءات التي تحمل نفس الطبع والشاكلة، مع الاعتراف بحق الأسبقية لهذه الرواية بالطبع، ولكن طريقة كتابتها، الجمل القصيرة، شذرات الجمل، وقطعها، سينمائية السرد، والدخول والخروج من وإلى السرد، بكل تأكيد رواية جيدة مكتوبة بطريقة أكثر من ممتازة ومختلفة، وهذا العمل السابع الذي أقرأه لإسماعيل فهد إسماعيل، ومع كل عمل، يزداد حبي وتقديري لكتاباته ومشروعه الأدبي المُميز.