أسياد بلا جياد
تأليف
مصطفى سعيد
(تأليف)
مِن فعلِ أيدينا صنَعنا الهمّ، وابتلعنا العلقمَ كسيفٍ وصلَ إلى أسفلِ ظهرِنا، والهمُّ لم يتجرعْ منا، حكمنا على أنفسِنا بأنْ نكونَ بمعزلٍ عن الناجحين، أقنعنا أنفسَنا بأنَّ أناملنا لا تصلحُ إلا لقطافِ الزيتونِ وحمل لفافة التبغ، أو لسرقةِ الفتات، وأنَّ الأناملَ التي رسمتْ لوحة عبادِ الشمس، نحتتْ تمثالَ موسى، ووضعتْ أحجارَ سور الصِّين ودرست الطبَّ والكيمياءَ.. هي أناملُ أناسٍ من عالمٍ آخرَ، وأنَّ العقول التي وضعتْ وصنعت الثوراتِ وحركاتِ التحرر والانفتاح هي عقولٌ مستوردة، سجنا أنفسنا في سجنِ التحسُّر دونَ سجَّانٍ، وأنّ الأوانَ قد فاتنا، وابتلعنا المفتاح لكي لا نرى نورَ الشمس الساطعةِ التي تصبُّ العرقَ على جباهِ الأحرار، شُلتْ أيدينا، صارتْ هشةً، كالبركةِ الصادقةِ التي كانتْ تجمعُنا، صارتْ عاجزة عن حفر كوةٍ صغيرةٍ لينبثقَ منها شعاعُ نورٍ ضئيل على مسرحِ حياتِنا، وخرجْنا من ديارنا بكلماتِنا، ليسَ من بابٍ مفتوح أمامَنا إلا الهروبُ والهجرة.. هو الحلُّ الذي سينجينا من لهيبِ التنين الزائفِ، وأنّ الترابَ الذي نعيشُ عليهِ لا ينبتُ فيه الأبطالُ..