منارة وذكرى أنطوان زحلان 1928-2020
تأليف
محمد مكداشي
(إعداد)
جين سعيد المقدسي
(إعداد)
حسن الشريف
(إعداد)
كانت حكمة زحلان دائمًا أن المرء إما أن يكون جذرًا أو ثمرة، غير أن الثمرة إذا وُضعت في الماء، أي في المجتمع، تتخمج أحيانًا، لكن الجذر يُنتج فروعًا وأوراقاً وأغصانًا وثمارًا. وأنطوان زحلان أراد دائمًا أن يكون جذراً، لكن حال الأمة العربية التي لا تنفكّ متدهورة منذ أكثر من خمسين سنة، خصوصًا في السنوات العشر الأخيرة، جعلت أنطوان زحلان مثل بطريرك في مكة أو مثل مؤذّن في مالطا، فجميع الأفكار التي دعا إليها، والمؤسسات التي أنشأها، باتت خارج التداول، ذلك لأن الخطر على الأمة العربية ما عاد يتمثّل في هجرة الأدمغة العربية إلى أوروبا وأميركا فحسب، بل في تزاحم العرب زرافاتٍ ووحدانًا على الهجرة إلى كل مكان فوق هذه البسيطة، بعدما صارت الحياة الكريمة عزيزة في معظم ديارنا الموبوءة بالتسلط والقهر والفقر، وبعدما صار لسان حال الشبان العرب يردّد الأبيات التالية خلافاً لما كان يدعو إليه زحلان:
ترحّل عن بلاد فيها ضيمٌ/ وخلِّ الدارَ تنعى مَن بناها
فإنك واجدٌ أرضًا بأرضٍ/ ونفسُك لم تجدْ نفسًا سواها