هي محاولة ليست لإثبات أن الإرادة حرة بل لإثبات أنه لا حر حقا إلا الإرادة.
فإرادة أي شيء يجب أن تكون مقترنة بالقدرة على تحقيقها، فأنا قد أريد السفر إلى بلد معين ولكن ليس شرطا أن أقدر على السفر فعلا.
أما الإرادة بإعتبارها فعل في ذاته فهي مقترنة دوما وفي كل الأحوال بالقدرة عليها فلا يوجد إنسان على وجه الأرض عاجز عن الإرادة بل الإرادة حاضرة دوما ومقرونة بالقدرة عليها، فالكل قادر أن يريد أو بمعنى آخر أن يريد أن يريد.
تفسير أوغسطين للخطيئة الأصلية يجردها من معنى الخطيئة أصلا.
فهو يرى أنه لا يوجد إنسان إلا وكان جهولا أو ظلوما، لأنه يعلم الخير لا يجهله، ولكنه يضن ويعجز عن القيام به، وتلك سمات لكل البشر.
إذن فهي: إما خطيئة بأن تكون جهولا أو ظلوما بسبب ضعفك، أو إما تكون عقوبة على خطيئة ولكنها سميت الخطيئة مجازا كما تسمى اللغة لسانا بإعتبار أن اللسان هو السبب.
ولكن أغسطين اختار الاحتمال الثاني ألا وهو أن تلك عقوبة على خطيئة ولكن السؤال كيف نعاقب على خطيئة ارتكبها أبوانا ولم نفعلها بإرادتنا؟!
الإجابة بأن خطيئة الوالد كانت سببا في تحوله إلى فاني وأن يكون جهولا وأن يكون ضعيفا أمام شهوات الجسد.
وبالتالي فإن العقوبة نقلت بموجب الشرط الإنساني الوراثي.
وبالرغم من تلك الحالة التي ورثناها فإننا نملك الإرادة للخروج منها سواء من حالة الجهالة بطلب العلم.
أو باكتساب القدرة من الله وبالتالي التخلي عن العجز باستمداد القدرة بحرية الإرادة وبذلك ليس هناك خطيئة دائمة ولا عقاب أبدي.
ولكن حالة السقوط الأولى هي الحافز على الصعود والكمال، وهو الصعود غير الممكن إلا بحرية الإرادة مصحوبة بالتوفيق الإلهي، أو النعمة الإلهية.