الأمة المصرية والوهابية مرحلة الغزو الفكري : الجزء الثاني
تأليف
محمد السني
(تأليف)
حالت الصراعات الداخلية بين الوهابيين وخصومهم، وبين آل سعود والوهابيين المتشددين من تيار الإخوان السعوديين، بالإضافة إلى الصراعات بين آل سعود وخصومهم من القبائل التي كانت تنازعهم الحكم والسيطرة، وكذلك البيئة الصحراوية شديدة البؤس والضحالة البشرية والاقتصادية والحضارية آنذاك، حالت دون انتشار الوهابية خارج حدود الجزيرة العربية في مراحلها الأولى. ومن جانبها كانت مصر قد اتخذت مسارًا مغايرًا تمامًا بالسعي الدؤوب للحاق بحضارة العصر الحديث، حيث كانت تمر بالنهضة التاريخية الشاملة التي بدأها محمد علي وأفضت إلى نشأة مصر الحديثة كما أوضحنا سابقًا. وظهر التدين الصوفي المصري كمزيج من المذهب السني والمذهب الشيعي الموروث عن الفاطميين كحالة فريدة لاحتواء الأمة المصرية للتعدد المذهبي، علاوة على التعايش الديني الموروث منذ قرون عديدة، والذي دعمه وأصله انتشار التعليم الحديث في مصر، والحضور الطاغي والاستثنائي للنخبة الفكرية والثقافية والأدبية على الساحة المصرية إبان تلك الحقبة. وبذلك مثلت مصر القوة العربية الناعمة بامتياز، الأمر الذي ساعد على خلق عقل عربي عام يلتف حول النموذج الحضاري المصري.