معاداة الصورة - في المنظورين الغربي والشرقي
نبذة عن الكتاب
تحمل الصّورة سلطة مخصوصة في كلّ العصور، فهي في ظاهرها مجرّد وسيط، وفي جوهرها قوّة تتجاوز الوسيط لتتملّك المشاهد، ومن هنا يأتي خطرها، إنّها أشبه بالعصا التي تستحيل إلى أفعى في صيغة إعجازيّة مهما تعدّدت أشكالها ومادّة صياغتها وطرق عرضها. فالصّورة تُلاعب الإنسان، تهبه وهْم تملّكها بقدر ما تسلبه هذا الوهم حين تبلغ به طور التّورّط. فمن الصّنع اليدوي إلى الاستنساخ الآلي حافظت الصّورة على آليّاتها في المراودة والإيهام بالحقيقة والواقع، بينما قوي ضارب إيهامها وتملّكها لجميع جوانب حياة الإنسان. هذا الإنسان العاقل الذي استوقفته الصّورة في شتّى مراحل نموّه ككائن يتعقّل العالم بالرّسم قبل الكتابة، تحسّس حضوره في العالم بالعين، فكان تاريخه في اختزال مجازي هو تاريخ العين بامتياز. وظلّ مسار المشاهدة هو خيط اللّعبة التي تبنيها الصّورة مع العين، حتّى في أبهى وضع عايشه الإنسان وهو يرى صورته في الماء. فما كانت أسطورة نرسيس غير توكيد على أهمّيّة مسار المشاهدة، على بكارة العين وشراسة الصّورة. فالصّورة تفترض الشّبيه، إلاّ أنّ انعكاسها على الماء، المرآة أيضا، مؤشّر على دخولها مجال الاستعارة: الآخر بدل الشّيء، فصورة الوجه على الماء ليست صورتي، بمعنى أنّها لا تطابقني، لأنّها مجرّد صورة لي، إنّها صورتي وقد رُسمت بمجرّد أنّي اقتربت من بركة الماء. وهي ليست منتزعة منّي لأنّ لها استقلاليّتها الخاصّة. إنّها صورة عنّي فحسب ولي أن أقرأ ملامحها بأشكال مختلفة. لكنّ مسار المشاهدة يفترض دربة العين التي راحت في مثال نرسيس مصدر الخيبة.التصنيف
عن الطبعة
- نشر سنة 2023
- 88 صفحة
- دار خطوط وظلال
تحميل وقراءة الكتاب على تطبيق أبجد
تحميل الكتاب
25 مشاركة