حماة الثغور
تأليف
ليلى أبو شقرا
(تأليف)
المسلمون الموحدون المعروفون ظلمًا بـ «الدروز» عرفوا منذ بداية تاريخهم السابق على الدعوة الفاطمية، محطات مشرقة حملوا فيها بعد الجاهلية لواء الدفاع عن الإسلام وثغور الدولة الإسلامية، وأخلصوا في الوفاء لها مجاهدين بالسيف والكلمة في سبيلها والعروبة، كما اختُبروا في محنٍ كثيرة ألمَّت بهم بعد غياب الحاكم بأمر الله، أقلُّها ما رُموا به من افتراءات أخرجتهم من الإسلام، ورمتهم بغير ما فيهم من قيمٍ عربية أصيلة ونَسَبٍ وماهية، ونسجت حولهم أساطير مُضلِّلة، وعملت على إخراجهم من العروبة الحقّة فيهم بنسبتهم إلى حقيقة هي ليست بحقيقتهم. ولعلَّ مبدأ التقية، والتكتّم على المذهب الذي ألَّف فيه التوحيدُ بين المذهب الحنفي والجعفري، قد ساهم إلى حدٍّ كبير في تفشّي هذه الافتراءات وهذا الضلال، على الرغم من أنَّ قارئ التاريخ الموضوعي والباحث فيه عن الحقيقة سيجد إجابة «تاريخية علمية منطقيّة» لهذا التكتّم الذي لم يُرد منه الموحدون إلاَّ حفظ الإخوان وسلامة الجماعة.
وأمام هذا التاريخ الغني بالانتصارات كما بالمحن، لا تزال المكتبة العربية تفتقد إلى تآليف ترصدُ ما قدَّمت هذه القبائل العربية التنوخية التي دانت بمذهب التوحيد، ولا يزال الموحدون يفتقرون إلى المؤرخين والدارسين الذي يوفون هذه المسيرة حقَّها على الرغم ممَّا تحضنه المكتبة العربية والإسلامية من مؤلّفات، ودراسات، وأبحاث وتاريخ المسلمين الموحدين المعروفون ظلمًا ب «الدروز » يحتاج أولاً إلى تضافر جهود أبناء الموحدين من أصحاب الاختصاص للحفر في تاريخهم البعيد وسطر تاريخهم الآني، وتسليط الضوء على الأدباء فيهم والشعراء والمفكرين والعلماء بعلوم الدنيا وعلوم الدين، ليقطعوا الطريق على كلِّ راغب بتزوير تاريخهم وحاضرهم ونسبتهم إلى غير ما فيهم.