التقدم والفقر > مراجعات كتاب التقدم والفقر
مراجعات كتاب التقدم والفقر
ماذا كان رأي القرّاء بكتاب التقدم والفقر؟ اقرأ مراجعات الكتاب أو أضف مراجعتك الخاصة.
التقدم والفقر
مراجعات
كن أول من يراجع الكتاب
-
moath As asfour
كتاب التقدم والفقر
تأليف: هنري جورج.
ترجمة: مصطفى حسنين المنصوري.
مراجعة: معاذ عيسى العصفور
عدد الصفحات: ١٥٠ صفحة تقريباً.
تقييمي: ٨/١٠
تنصح بقراءته: نعم
التاريخ: ٧/١٠/٢٠٢٣
——————-
.
قبل البدء..
.
من النادر أني أجد أن ما سأكتبه قبل البدء لا يقل أهمية عن النبذة المخصصة للكتاب، ولأول مرة كذلك أشعر بوجود كتاب اقتصادي سياسي تثقيفي يلامس قلبي قبل عقلي، ويخاطب في العالم الضمير الذي مات أو استتر.
.
حينما يكون الكاتب صادق وناصح سيصل مداد قلمه إلى القارئ بشكل مباشر وواضح وسيفهمه من أول مرة.
.
تشخيص المشكلة نصف العلاج، وعلاجها بيد من بيده القرار لا من بيده القلم والمحبرة.
.
أكبر المشاكل التي يعاني منها الفرد بالعصر الحديث هو سعيه الحثيث للحصول على سكن ومأوى له ينام تحت ضل سقفه بالليل، ويغنيه أن يكون تحت رحمة ملاك الأراضي ومحتكريها.
.
مع التقدم الصارخ والكبير على جميع الأصعدة هناك تراجع مخيف وازدياد مضطرد في أرقام الفقراء والمشردين والمعتازين للأسف الشديد.
.
الأفكار الجميلة تبقى مجرد أفكار وحبرٌ على ورق إلى أن يأتي الوقت لتطبيقها على أرض الواقع.
.
مشاكل العالم بالسابق واللاحق تكاد تتشابه بنسبة كبيرة، والحلول المطروحة كذلك تتشابه، والسعيد من نظر لمشاكل السابق واستفاد منها لعلاج مشاكله قبل أن تكبر ويصعب علاجها أو حلها.
.
.
نبذة عن الكتاب..
.
حينما تقرأ كتاب كُتب قبل ١٠٠ سنة تظن أنه لن يقدم لك الحلول الناجعة أو الناجحة ولكن تتفاجأ به وكأنه يتكلم عن عصرنا الحالي، وكأن الكاتب قد هُتِكت له الأستار وأصبح يرى بعين الحقيقة المآلات التي ستترتب على تفرد فئة قليلة من البشر بإحتكار الأراضي.
.
الكتاب يناقش فكرة التقدم الذي يفترض به أن يقضي على الفقر، ولكن هل الفقر من شأنه أن يمنع التقدم؟.
.
أفضى بحثه إلى أن سبب تفاقم الفقر هو الامتلاك الفردي للأراضي، لذلك حاربة الأغنياء وتصدوا له، لأنه كان من أكثر المؤيدين للضريبة على الأراضي عرفت بوقتها بـ "الضريبة المفردة". وكان يرى أن العلاج الوحيد يكون بجعل الأراضي ملكاً شائعاً.
.
طريق تصحيح الأوضاع من وجهة نظر الكاتب تكون عبر تحرير الأراضي من الملاك المحتكرين الذين سيطروا عليها بطرق غير شرعية أو شرعية، بغض النظر عن آلية حصولهم على الأرضي.
.
دول كبيرة قامت ونهضت بالعالم ودول خليجية كذلك، كان سبب نهوضها الأول تحرير الأراضي لما في كلفة ابقاءها لدى قلة من الناس الخطر والضرر الكبير على جميع الأصعدة.
.
(٢)
.
يتلخص مذهب هنري جورج في أن شقاء العمال وتفاقم الفقر بين الناس ليسا ناتجين عن بخل الطبيعة وضعفها كما زعم " مالتوس " القائل بأن انتشار الفقر ليس إلا نتيجة لازمة لتكاثر الأهلين بنسبة تفوق النسبة التي تتكاثر بها المواد الأولية اللازمة للحياة، ولا من تنافر مصلحتي العمال والمملولين كما يزعم أغلب الاقتصاديين، بل إلى احتكار فئة من الناس للأرض التي هي ميدان جميع الأعمال المنتجة، ومن ثم كان عدم تحسن حال الفقراء رغم ازدياد الثروة العامة من جراء رقي الصناعة وتقدم الفنون وظهور المخترعات والمستكشفات العديدة، أمرا لا يدعو للدهشة.
.
في الغرب والشرق الجميع يحن للماضي مع أن الحاضر أكثر تقدماً ولمعاناً ، يقول الكاتب: فلا تكاد تجلس في مجلس حتى تسمع اناس يرمون هذا العصر بعصر الشقاء، ويحنون إلى الأيام الماضية أيام الهناء والصفاء، وقد عم هذا جميع أنحاء العالم مع اختلاف أنظمتها وتفاوت ثرواتها وغزارة سكانها.
.
وتطرق الكاتب لوضوع المصافقة وهي السعي لامتلاك اكبر قدر ممكن من الأراضي لا رغبةً في استهلاكها ولكن سعياً لبيعها بأقرب فرصة ممكنة بأسعار أعلى. لذلك يقول أنه ليس من الممكن المصافقة في الصناعة والزراعة لأن المصافقة في هذه الأشياء تعمل على إيجاد التوازن بين العرض والطلب أو بين الإنتاج والاستنفاد، فهي بمثابة منظم الحركة في الآلة البخارية. لذلك وجب أن تكون المصافقة في الأراضي، وهذا ظاهر في الولايات المتحدة وغيرها من الأمم الراقية، ففي كل فصل من فصول انتعاش الحركة الإنتاجية ترتفع الإيجارات باطراد فيفضي هذا الارتفاع إلى المصافقة التي تطفر بالإيجارات طفرات واسعة ثم لا تلبث الحالة أن تنقلب فتهمد الحركة ويقل الطلب وتقع التفليسات العديدة، ثم يعود التوازن رويدا رويدا حتى تتحسن الحال مرة أخرى وتعود المياه إلى مجاريها.
.
الحقيقة التي يريد الكاتب إيصالها لنا هي ❞ أن الأرض ضرورية للعمل لإخراج الثروة وأن تحكم فريق من الناس فيها يمكنهم من أن يتحكوا في جميع نتاج العمل ما عدا الجزء الذي يكفي لإبقاء العمال إحياء، وأن السبب في التفاوت الهائل بين الطبقات ليس ناشئا من تنافر العمل ورأس المال ولا من ازدياد الأهلين بل من التفاوت في امتلاك الأراضي ❝
.
وأنا أقرأ هذه الجملة شعرت أن المترجم لديه حس اسلامي عالي يقول ❞ فإن الناس مهما جدوا واجتهدوا لا يستطيعون أن يزيدوا وزن الأرض ذرة واحدة، ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا ❝ حيث ذكر جزء من آية في القران الكريم.
.
(٣)
.
يقول الكاتب أن احتكار الأراضي هو السبب الرئيسي في كل المشكلات التي يواجهها الإنسان في العصر الحديث فيقول ❞ إن جميع الناس الذين يقاسون الشقاء في بيئة ملؤها الرخاء، والذين يعيشون أرقاء في وسط معترف فيه بالمساواة في الحقوق السياسية، والذين لم تخفف آلامهم وفرة ما أخرج للناس من الآلات والمخترعات يشعرون بأن هناك خطأ، ولا شك أن جميع مساوئهم ترجع إلى غلطة أساسية واحدة وهي احتكار فريق من الناس للأراضي التي يعيشون عليها ويستمدون منها حاجياتهم، ومن هذه الغلطة تشعبت كل المساوئ التي جعلت جميع نعم التقدم والمدنية وبالاً على السواد الأعظم من الناس وقضت على المنتجين بالفقر، وأحاطت غير المنتجين بجميع صنوف الملاذ، وأوجدت الأكواخ بجوار القصور، وبيوت الدعارة بجوار المعابد وألزمتنا أن نزيد عدد السجون كلما زدنا عدد المدارس. ❝
.
من الضرر المترتب على احتكار الأراضي هو التحكم في مستأجريهم في الانتخابات وغيرها، يقول الكاتب ❞ والغريب أن القانون لا يستطيع أن يضع حدا لهذه المخازي، ها هم ملاك الأراضي يتحكمون في أصوات مستأجريهم في الانتخابات ويتدخلون في أعمالهم ويسومونهم جميع صنوف العذاب ❝
.
ويزيد على ذلك أن الحال لن يتحسن والأمور لن تستقيم ما دامت حيازة الأراضي بيد بضعة أفراد فيقول ❞ ومحال أن يستقيم حال مدنيتنا التي نفاخر بها وأن يزول منها الاستعباد والرق مادمنا معترفين بالامتلاك الفردي للأراضي فلا استقلال الشعوب ولا تحرير الأفراد بمجديين إذا أبقيت الأراضي في حيازة بضع أفراد إذ كلما تقدم الشعب ماديا اشتد ضيق أهله واتسعت دائرة الفقر بينهم ❝
.
يقول الكاتب أن هناك فرق كبير بين امتلاك الأراضي وبين امتلاك ما هو نتاج العمل فيقول ❞ فمذهبنا الذي ندعو إليه ظاهر جلي وما من أحد يدرس علم الاقتصاد السياسي حتى بشكله الحالي إلا ويتبين الفرق بين امتلاك الأراضي وامتلاك ما هو نتاج العمل رغم ما يبذله الاقتصاديون أنفسهم من إخفاء الحقيقة ❝
.
ويرى البعض أن دفع تعويضات لملاك الأراضي أحد الحلول الممكنة ولكنه مكلفٌ على خزينة الدولة أيضاً فيقول ❞ لذا يذهب بعضهم إلى ضرورة منح تعويضات لهؤلاء الملاك ويرون هذا أمرا عادلا حتى أن " هربرت اسبنسر " وهو من أكبر أنصار مشروع تحويل الأراضي إلى الملك المشاع قال في كتابه " التوازن الاجتماعي" .. " إن تقدير تصفية حقوق الملاك في أراضيهم التي اكتسبوها بفضل كدهم أو كد آبائهم والتي قاموا بخدمتها واصلاحها مدة طويلة إحدى المعضلات الكبرى التي سيضطر المجتمع لإيجاد كل الطرق اللازمة لحلها يوما من الأيام " ❝
.
(٤)
.
وخطورة أمر امتلاك الأراضي أنها قد تقضي على الدول كما قضت على روما واليونان فيقول ❞لقد كان هذا الانتقال من نظام الامتلاك العام للأراضي إلى نظام الامتلاك الفردي السبب في القلاقل والثورات العديدة التي قضت على مدنية روما كما قضت على مدنية اليونان من قبل، يقول " بليني " أحد مؤرخي الرومان " لقد قضت الممتلكات الواسعة على روما " ولا شك أنها هي التي قضت على اليونان❝
.
وشدد على أن شعور الشخص بأن ما يزرعه سيحصده وأن ما يبنيه سيسكنه سيكون مدعاة لأن يسعى الناس لحرث واعمار الأرض فيقول ❞اضمن للشخص الحصيد وهو يزرع، اضمن له امتلاك البيت الذي يبنيه وهو يبني، فالناس لا تزرع إلا من أجل الحصاد، ولا تبني بيوتا إلا من أجل الإقامة فيها أو الانتفاع بدخلها ❝ فيقول ومن أجل هذه الضمانة ❞ شيدت أبهى قصور لندن ونيويورك لأن أصحاب الأراضي المشيدة عليها هذه القصور تعهدوا لأصحاب المباني بأن لا يرفعوا إيجار أراضيهم مدة طويلة من الزمن .❝
.
الامتلاك الفردي للأراضي يدعو الناس لعدم السعي لاعمارها واستخراج خيراتها يقول الكاتب ❞ الامتلاك الفردي للأراضي بعيدا عن أن يدعو الناس لاستغلالها على الوجه الأتم، فإنه كثيرا ما يحول دون ذلك، إذ لو كانت الأرضون ملكا عاما لاستخدمت وأصلحت في وقت الحاجة إليها، أما والحال كما هو عليه الآن فلا عجب إذا وجدنا كثيرا من البقاع الخصبة مهملة لا لسبب غير أن أصحابها لا يستغلونها ولا يتركونها لغيرهم لاستغلالها إلا إذا دفعوا لهم الجزء الأكبر من نتاجها، ففي الولايات المتحدة من الأراضي المهملة ما لو استثمر لسد حاجة ثلاثة أو أربعة أضعاف سكانها الحاليين ولا سبب لاهمالها سوى طمع أصحابها فهم لا يشترونها إلا لمجرد بيعها في أقرب فرصة ممكنة بأعلى سعر ممكن وما هو موجود في أمريكا موجود في كافة الأقطار وفي أمهات المدن ❝
.
يقول الكاتب بآخر فصول الكتاب ❞ جميع النعم لا يمكن أن ينتفع بها الناس إلا إذا مرت على الأرض وما دامت الأرض في حيازة نفر قليل من البشر فإن جميع هذه النعم الفائضة تقع في قبضة أصحابها ولا ينتج عن هذا الفيض الكريم سوى ارتفاع الاجارات وهبوط الاجور . ❝
.
(٥)
.
ويختم هنري جورج كتابه بفقرة عظيمة ❞ ونجد أينما ولينا وجوهنا أن القانون الاجتماعي والقانون الاخلاقي منطبقان، أي ان في حياة المجاميع كما في حياة الأفراد لابد أن يصادف الظالم جزاءه والعادل ثوابه، نعم قد لا نشاهد ذلك في حياة الأفراد وكثيرا ما يترك الظالم متمتعا بثمار ظلمه والعادل محروما من نعم الطبيعة ولكن هل هذا يدعونا للقول بأن القانون الذي يضبط الحياة الاجتماعية لا ينطبق على الحياة الفردية أم الأليق بنا أن نقول أننا لا نرى إلا جزءا صغيرا من حياة الفرد ؟ ❝
.
السابق | 1 | التالي |