جيورج فورستر: بين الحرية وقوة الطبيعة
تأليف
يورجن جولدشتاين
(تأليف)
سمر منير
(ترجمة)
وبوصفه باحثًا طبيعيًا وشخصًا حالمًا كان لدى «فورستر» مفهوم للطبيعة مشبع جملةً وتفصيلًا بمشاهداته؛ فقد رأى الطبيعة وتذوقها وتشممها وتحسسها وسمعها ورسمها، قبل أن يمعن التفكير فيها. وكان رد فعلها عليها دائمًا مرهف الحس. لم تكن الطبيعة تمثل له شيئًا مثاليًا أو شيئًا دنيويًا، وإنما كانت قوة عارمة يمكن تجربتها بصورة مباشرة. كان «فورستر» يمتلك مفهومًا للطبيعة، رجع الفضل فيه – بالمعنى الحرفي – إلى مشاهدته للعالم. وهو المفهوم، الذي لن يعكسه «فورستر» إلا في وقتٍ لاحق وسوف يصنفه وفقًا للإحداثيات الفكرية لعصره. كان الشرط – الذي انطلق منه «فورستر» في إدراكه للطبيعة والذي استلزم وجود خبرة مباشرة – شرطًا جيدًا. ففي النصف الثاني من القرن الثامن عشر قام «جيمس كوك» بثلاث رحلات بحرية حول العالم . وشارك «جيورج فورستر» مع والده «يوهان راينهولد» في الرحلة الثانية. واستغرقت رحلتهم ثلاثة أعوام وثمانية عشر يومًا. وبلغت المسافة، التي قطعوها، ما يربو عن ثلاثة أضعاف محيط الكرة الأرضية. كما كانوا أول من توغلوا بالسفينة في الدائرة القطبية الجنوبية وواصلوا التقدم نحو الجنوب بصورة لم يسبقهم إليها أي شخص أوروبي. وسافروا إلى «بحر الجنوب» وشاهدوا «نيوزيلندا» و«تاهيتي» و«جزيرة الفصح» و«أرض النار» واكتشفوا «كاليدونيا الجديدة» و«جورجيا الجنوبية» . وتواصلوا مع أهل منطقة «بحر الجنوب»، والذين لم يكن من الأكيد تمامًا بعد، هل كانوا متوحشين نبلاء أم آكلي لحوم بشر. كما راقبوا حيوانات غريبة وأحضروا معهم نباتات مجهولة عند عودتهم إلى إنجلترا. كانت الطبيعة، التي اكتشفوها، ذات جمال يسلب العقول.