❞ لم يكن كانط متفائلًا بأي حال رغم قبسات النور التي بدأت في ذلك القرن. كان يقول أنه يعيش في عصر التنوير، ولكن ليس في عصر متنور. لم يكن النور قد انتشر. كان كانط يرى أن العوام تعودوا على الوصاية وليس من السهل إخراجهم منها، سواء كانت وصاية دينية أو سلطوية أو كلتيهما معا. فولتير أيضًا كان متشائما، وهو رائد الاستنارة في ذلك القرن. وصل الأمر بهذا الفيلسوف العظيم مرات إلى حد اليأس وليس فقط الإحباط. كان أكثر ما يدهشه هو أن يتعلق الناس بجلاديهم رغم الأفعال الفظيعة التي يرتكبونها. أليس هذا هو ما يشعر به بعضنا اليوم؟ ❝
نعم يا د وحيد شعر به بعضنا ليس فقط اليوم و هو عام ٢٠١٦ حين نشرت كتابك بل أيضا قبلها بثلاثة أو أربعة أعوام حين شاركت جلادك في تأسيس جبهة الإنقاذ و تصورت أن نتيجة هذا التحالف الشيطاني أن يقوم فلول النظام بتسليمكم مقاليد الحكم بعد الخلاص من كابوس الاخوان المسلمين.
❞ وكيف نتصور أن نور العقل يمكن أن ينتشر بدون مناخ يحث على فتح هذا العقل ليستقبل أفكارًا حديثة تحررية منيرة بدلا من، أو حتى إلى جانب، التفسيرات المتطرفة للدين والمنافية لصحيحه التي تجد طريقها إليه كل يوم بأسهل الطرق؟ فلا يكفي اللجوء إلى إجراءات بيروقراطية لم يحقق مثلها نتائج تُذكر في هذا المجال، من نوع سيطرة وزارة الأوقاف على المساجد والزوايا، فضلًا عن أن هذه مهمة مستحيلة وليست صعبة فقط في بلد مترامي الأطراف. ❝
في الحقيقة فقد تمت السيطرة و تم برمجة الشعب على أن ينشغل فقط بأكل عيشه ان وجد أصلا ما يأكله.
❞ فالعلاقة بين العلم والعقل والحرية وثيقة، وثابتة في تاريخ كل بلد تقدم ودخل العصر الحديث، الذي مازلنا نقف على عتباته على مدى أكثر من قرنين منذ مطلع القرن التاسع عشر، فما أن ندلف خطوة نحوه حتى نجد أنفسنا مدفوعين خارجه. ❝
آفة حارتنا ليست فقط النسيان كما قال نجيب محفوظ التي تحل ذكراه اليوم و لكن آفة حارتنا هي مثقفينا اللذين ينبغي أن يكونوا في طليعة التغيير و التنوير فإذا بهم خافتي الأصوات مقنعي الرؤوس مهيضي الجناح لا يتحركون إلا في حماية السلطة و لا يعتاشون إلا على فتات موائدها.
❞ هل يمكن أن يحدث كل هذا التجريف الذي تعرضت له مصر وغيرها من بلاد المنطقة في وجود دولة بالمعنى السياسي – المدني الحديث الذي يقوم على عقد اجتماعي ذي طابع ديمقراطي؟ ولا يمكن بالتالي تجاهل أن الإرهاب يطل برأسه حين تلتهم السلطة الشعب، وتعتبره كما الأرض التي يعيش فيها ملكًا لها. ❝
في الحقيقة نعم ليس لدينا دولة بل سلطة و شتان الفرق كما أوضحت مرارا في كتابك هذا.
❞ كُتب هذا الدستور في لحظة تفاؤل بأن تكون “30 يونيو” إنقاذًا لثورة 25 يناير التي قفزت عليها جماعة “الإخوان المسلمين” وصادرتها لمصلحة مشروعها. غير أنه لم تمض أشهر قليلة على إصداره حتى كانت القوى المضادة للثورة قد استعادت نفوذها، وصادرت “30 يونيو” لمصلحتها مثلما فعل “الإخوان” بـ “25 يناير”. ❝
و ما أكثر سذاجة هذا التفاؤل اذا كان بحسن نية و ما أشد خبثه ان كان بسوء طوية.
استفزني ازدواجية معاييره عندما يتعلق الأمر بالاخوان فهو يقول في احدي المرات الفريق احمد شفيق و الاخواني محمد مرسي و يعلل الميل الى اعادة انتاج الديكتاتور في مصر بعد الثورة بأنه رد فعل للخوف من ممارسات الاخوان في فترة استلامهم السلطة كما أن تحليله لأشعار نجم فيه خلط بينها و بين قصيدة يا مصر قومي و شدي الحيل لنجيب شهاب الدين و ذلك يدل على أن مصدره كان الاستماع للشيخ امام و ليس عن ثقافه حقيقية في ذلك الموضوع كذلك عند نقده لقانون التظاهر نزع صفة التظاهر عن تجمعات الاخوان المسلمين و وصفها بما تصف به السلطة كافة التجمعات الاخرى التي تم تفصيل قانون التظاهر من أجلها و في هذا رؤيه غريبه على مثقف معتدل سياسي مثله.
لذلك ترددت كثيرا بين نجمتين و ثلاثة نجوم فالكتاب جدير فعلا بالقراءة و لكن قراءة واعية بخلفية الكاتب و الظروف التي صاحبت كتابته لتلك المقالات التى تمت كتابتها في عدة صحف و منصات كبري لما يناهز أربعة سنوات.