بين فرائض الشعر ونوافل السياسة : الشعر العربي بين ثلاثة أجيال
تأليف
محمود قرني
(تأليف)
"كنت أنوي أن أكرس هذا الكتاب لشعراء قصيدة النثر بغض النظر عن الأجيال التي ينتمون إليها. لكنني، في الوقت نفسه، لست من أنصار عبادة الشكل، كما أنني أدين بالكثير من تكويني لشعراء ومدارس شعرية هي جزء من المدونة الكلاسيكية سواء في أدبنا العربي أو في آداب الأمم الأخرى، دون الوقوع في فخاخ المحافظين الذين يعتبرون تفوق القدماء أسطورة لا يمكن تجاوزها. ويقيني أيضا أن تراثنا العربي، وعلى رأسه فن الشعر، يعد واحدا من أعظم الفنون الشعرية التي تضاف لرصيد الإنسانية. ومن ناحية أخرى أتصور أن الخطر الحقيقي على الشعر في زمننا يأتي من منطقة أخرى ليس بينها صراع الأجيال وتطاحنها، على ما رأينا ونرى في مصر، على أننا لا نقلل من خطر تمدد سلطة المحافظين على صعود تيارات التجديد والمجددين من كل الأجيال. في المقابل كانت العزلة أخطر ما واجهه الشاعر الحديث الذي من المفترض أن ينتخبه الضمير العام تعبيرا عن أشواقه للجمال والحرية. لكن التحولات الفكرية والسياسية التي حدثت خلال القرن العشرين كان لها أبغض الأثر على تلك العلاقة بين الشاعر وجمهوره. وفي ظل زمن جديد يقوم على تبادل المنفعة، يمكننا أن ندرك لماذا تثير قصيدة شعرية تقزز الساسة ورجال المال والمحافظين الباحثين عن منتجعات للراحة، بعيداً عن الضجيج غير المحتمل لكائنات، ستظل في نظرهم، حالمة وضالة."