مقالات في الميتافيزيقا والتصوف
نبذة عن الكتاب
تتردد النصوص التي نتقدم بترجمتها إلى العربية في هذا الكتاب، لأول مرة في أكثرها، بين سياقات لا تكاد الحدود بينها تتبين للقارئ لأول وهلة، ولا كيفيات انتظامها، أو الربط بينها بحيث تفضي في نهاية المطاف إلى مجموع موحد يدور على أغراض بعينها: كالميتافيزيقا، والتصوف، واللاهوت الفلسفي والطبيعي، وفلسفة الدين، وغيرها... مما يقرب من مسائل انشغل بها إيمانويل كانط (1724-1804) على مدى زماني يكاد أن يغطي حياته الفلسفية تقريبًا: من آخر الخمسينيات إلى آخر التسعينيات (1759-1796) من مساره. ولئن كانت الميتافيزيقا -في أشكالها وأغراضها وأطوارها كلها- وكذا الدين وتدبيراته الفلسفية وطرائق تأويله من المسائل "الكلاسيكية" عند قراء كانط على العموم، فإن "التصوف"، وما يقاربه من تجارب "الباطنية" و"الإشراق"، ومن إلماعات الشعور و"قذفاته"، أو من تقليعات رائجة بين مثقفي ذلك الزمان كما تلخصها مثلًا عبارة Schwärmerei الشائعة وما يحيط بها من الشبهات، ليست من العناوين الفلسفية الواردة في حسبانهم، ولا هم يجدون لها مساغًا ولا تعليلًا عند رأس العقلانية في العصر الحديث: هل يجوز أن يعد، بما له من المواقف والتقديرات في الميتافيزيقا أو في اللاهوت أو في فلسفة الدين، من المتصوفة أو من أصحاب "وجهة نظر" لا تخلو من تواطؤ مع باطنية عصره، وبعض أعلامها من أصدقائه المقربين، أو من "تقية" تخفي بعض هذا التواطؤ، أو تتستر عليه، عند من قال عن نفسه يومًا في رسالة إلى مندلسون: "إني أفكر بأوضح اقتناع ممكن، وبأعظم رضى أجنيه لنفسي، بكثير من الأمور التي لن أجرؤ يومًا على النطق بها، ولو أني لا أنطق بشيء ليس لي أن أفكر فيه".
59 مشاركة