لهذه الرواية آصرة إبداعية بسابقتها "اختفاء السيد لا أحد"، من حيث الحبكة والإتقان. كما أن لبطل الرواية وشخوصها نظائر وأشباه في الأخرى.
إن تشابك الأسرار يفضي إلى تعقد البناء النفسي للشخصيات وتقاطع مصائرها مع توالي الأحداث، كل هذا يشير إلى تحكم السارد في خيوط الشبكة التي تلتف وتتقاطع أحيانا، يطرزها نقد خفي وصريح أحيانا للمواقف والأفكار والتاريخ في حاضر الرواية كما في المراحل السابقة عنه.
إن الاحتفاء "بشخوص باهتة الظل تموت بدون صدى" (مثل اسكندر وفتيحة وآسية...) من حسنات هذا العمل الإبداعي الرصين، لأن السارد يستحضرهم من الظل ويخرجهم إلى "الركح" ثم يترك للقارئ أن يصوغ رأيا أو موقفا شخصيا منهم، حتى لا يكونوا، كما قد يبدو للوهلة الأولى، مجرد أثاث للمشهد كشجرة مسرحية "في انتظار غودو". هذه الشخصيات لم تجن من العقود الماضية سوى الألم واليأس والخنوع، أما الأمل فينبجس من قرار بطل الرواية الخروج من شرنقة الماضي والانبعاث مثل طائر فينيق نحو التغير والتجدد والاكتمال.