اقتباسات من كتاب هكذا تكلم كارل غوستاف يونغ: حـوارات وشهادات ومذكرات

تحتاج الأنوار إلى عتمة الظلام لكي تسطع.

الإنسان الذي تخلّص من مخاوفه هو إنسان على حافّة الهاوية

‫ (كارل غ. يونغ، الرسائل، الجزء الأول، صفحة 399)

لـو قرأتَ كتابًا جيدًا بعيدًا عن نطاق تخصصك مثلما يقرأ المرء الكتاب المقدس، فقد يكون الكتاب جـسرًا يعبر بك إلى عالمك الداخلي، لا يخلو من كثير من الأشياء الجميلة التي تتدفق إلى روحك.

‫ (كارل غ. يونغ، الرسائل، الجزء الأول، صفحة 434)

حينما يقول لاو-تسو: «الأشياء كلها واضحـة أمامي وأنا الوحيد المشوّش بالضباب» فإنه يعـــبّر عما يجيش في صدري الآن في هذه السن المتقدمة.

لم أتوقف يومًا عن بلوغ أهدافي، فكنتُ أواصل المضي قدمًا، مهرولًا لملاحقة رؤاي وأحلامي، ولما كان أبناء جيلي عاجزين عن فهم رؤيتي فقد رأوني مجرد مخبول يهرول باندفاع.

يتحتم على الإنسان إدراك حقيقة أنه يعيش وسط عالمٍ لا يخلو من غموض، عالم يغصّ بأشياء تـقع أمامه، لكن لا سبيل إلى تفسيرها أو توقّعها، يتحتم على الإنسان أن يدرك أن ليس كل ما يقع أمامه قابل للشرح أو التفسير. فالخارق وغير المتوقع جزءان لا ينفصلان عن عالمنا هذا. عندئذٍ فقط تمسي الحياة كُــلًّا متكاملًا.

فالإنسان يصير وحيدًا متى عرف أكثر مما يعرفه غيره. وليس بالضرورة أن تكون «الوَحدة» نقيض «صحبة الآخرين»، لأن أكثر الناس احتياجًا إلى الصحبة هم أشدّهم وحدة، برغم ذلك أظن أن صحبة الآخرين لا تؤتي بثمارها إلا إذا حافظ كل فرد على خصوصية شخصيته، وإذا كـفّ عن محو شخصيته، متماهيًا في شخصية الآخرين.

«أشعر بالملل يا روحي، لقد طالت كثيرًا فترة توهاني وبحثي عن ذاتي خارج ذاتي. أعلنتِ لي عن نفسك مسبقًا في الأحلام. تجولت لعدة سنوات ونسيتُ لفترةٍ أن لي روحًا. أين كنتِ طوال هذا الوقت؟

تحضرني الآن مقولة «شنيتسلر(39)» الذي كان يقتبس غالبًا عن فرويد، حينما كتب: «الأحلام رغبات تفتقد إلى الشجاعة».

ولو انتابك شـك إزاء مسألة ما فاسعَ إلى أن تنهل من وعاء حكمة القدماء، فستمُدَّكَ حكمتهم بمعارف ثرية عن الأفكار والقيم الخالدة التي أفرزتها قريحة البشرية منذ العهود الغابرة.

بلوغ السعادة مرهون بـوجود مساحة من العتمة في حياتك، إذ ينتفي معنى كلمة «سعيد» لـو لم تعدّلها كلمة «تعيس» في الكفة الثانية.

ينبغي أن تتحوّل عين الإنسان من النظر نحو الخارج إلى النظر نحو ذاته. فاكتشاف نفسكَ يمدّك بمعرفة ما أنتَ عليه، ومعرفة ما كان من المفترض أن تكون عليه، ومعرفة كل ما تعيش لأجـله ومن أجلِه.

الحياة في أغلب الأحيان مُـخــيـبة للآمال، وحتى أعــزّ الأماني إلى قلوبنا لا تبقى مُـخلدة أبد الدهر. ما أسهل أن يردّد المرء عبارة ألفونس كار(2): «كلما تغيّرت الأشياء، صارتْ هي الشيء نفسه»، وهـي نتيجة تنذر بعواقب وخيمة، لأنها تقف حجر عثرة في مسار تـطـوّر الحياة وتـجـرّ مشكلات لا حصر لها على المستويين الجسدي والذهني على حد سواء

الأهداف الجديدة تـتـطلـّب أعـينًا جديدة مـتشوّفِة وقلوبًا جديدة راغبة.

إن غياب العلاقة الصحية مع الشيطان كان وراء تفجّر طاقة الشر المدمّرة غير المسبوقة، منتهيًا إلى ضرورة إعادة ترميم تلك العلاقة على وجـه السرعة، وإذا لزم الأمر إلى خلق عقيدة رباعية الأركان عوضًا عن عقيدة التثليث

وبعد مرور خمس عشرة سنة من البحث والدرس وجدتني وجهًا لوجه أمام النتائج الحتمية التي مؤداها أن العمليات الخيميائية حقيقة، لكنها ليست حقيقة مادية، بل حقيقة نفسية.

فمن شأن الإفراط في الأمل أن يخلق السعادة وأن يخلق التعاسة أيضًا.