نواحي البطرخانة

نواحي البطرخانة لمينا عادل جيد.

مجموعة قصصية أو بالأحرى متتالية قصصية، تميزت قصصها بالقصر الذي لا يدعك فريسة للملل للحظة واحدة ولا حتى طرفة عين.

في البدء تخيلتها تسرد حكايات اشتهرت بيها منطقة كلوت بك وسكانها وحكاياتهم حيث البطرخانة القديمة، إلا أن ظني لم يكن في محله!

وإنما كانت عن منطقةٍ (في المنيا بلد المؤلف غالبًا)، تحيط بكنيسةٍ أطلقوا عليها "البطرخانة" من باب التفخيم.

تميزت القصص بالبساطة الشديدة، وقد غلفت بعضها روح الطفولة وبراءتها الشديدة، وبعضها الآخر فاضت به روح المراهقة وگأننا شهدنا مع قصص المتتالية نمو الرواي الذي شهد قصصه.

القصص لم تكن جميعها حقيقية إلا أنها تميزت بنكهة سنوات من التعصب مرت على مصر على مدى ما يقرب من نصف قرن.

العجيب في هذه المتتالية أن القبطي فيها لم يقف دوما في المشهد في دور السنيد، بل دومًا كان البطل.

سئ أو صالح، قام بعمل بطولي أو عمل مشين، كاذب أو صادق، خسيس أو عفيف، متدين حقيقي أم متظاهر يتاجر بالدين، حتى وإن كان مفعول به حسبما تقدر الظروف!

البطرخانة كلفظة، تعني بيت البطرك ( البطريرك) أي البطريركية التي يقيم فيها قداسة البابا، كانت قديمًا في كلوت بك و انتقلت للعباسية فيما بعد، بعد أن أقيمت البطريركية الجديدة في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في عصر البابا رقم ١١٦ للكنيسة القبطية ( البابا كيرلس السادس ).

وصل عدد قصصها ربما إلى ما يزيد عن الخمسة والثلاثون، كل قصة منها يتوجها عنوانًا دائمًا ما بدأ بكلمة ناحية، مثل ناحية دشمة حارس البطرخانة، ناحية بقالة عم تكلا، ناحية بيت لحم، ناحية دولاب أم مريم، ناحية شاعر، ناحية مسرحية مسيئة، ناحية الحنون ذات الخمار، ناحية بيت المكرسة، وهكذا فكلها على السواء بدأت بكلمة ( ناحية). وكل القصص نجحت في إبراز موهبة كاتبها في القص والحكي، فهو حكاء ماهر.

تصدرت المجموعة القصصية مقدمة لم يكتبها كاتب العمل، بل كانت بقلم الاستاذ محمود عبد الشكور.

كان الإهداء يحمل كلًا من العذوبة، المحبة والتأثر بقدر مدهش

❞ ‫ إلى…

‫ أرواح شهداء حادث دير الأنبا صموئيل الأول

‫ (المنيا - صباح الجمعة 26 مايو 2017)

‫ كنتُ هناك… ولن أنسَى أبدًا ذلك اليوم

⁠‫مينا ❝

مجموعة قصصية لن تجد فيها المسيحي مثالي يتوهج نورًا ولن تجده شيطانًا يشع كرهًا أو حقدًا، فقط إنسانًا كأي إنسان، قلبه شريرًا منذ حداثته!

"لم يتدخل الأمن كعادته في مثل تلك الأحوال، ولملم الموضوع في جلسة عرفية. هرب فريد خوفاً من القتل (…) وتركت (أمه) منزلها المحروق، ونواحي البطرخانة التي لم تستر جسدها، وابتلعها الرحيل." - رواية نواحي البطرخانة لابن المنيا مينا عادل جيّد 🇪🇬

بعفوية شديدة يبرز مينا عادل ما يعنيه أن تولد قبطياً وتترعرع في مجتمع يشكل فيه الأقباط الأقلية، وقد أحسن اختيار صوت الصبي كبطل لسردياته، إذ ليس على الصغير حرج، كما أنه ليس على ملاحظاته حساب. ومن خلال هذا الصوت الحُر، يطرح مينا عادل تساؤلات مباشرة عن الاختلاف وطبيعة (عدم) المساواة، إلا أن القيمة الحقيقية تكمن في الأسئلة التي لا يسوقها مباشرة، بل يجبرنا على استحضارها بشأن المواطنة والانتماء والمرجعيات التي تحكم المجتمع بأسره.

فصول هذا الكتاب سلسة وممتعة، تظهر من خلالها موهبة مينا كحكّاء قوي الملاحظة، ساخر، ولاذع حين الحاجة، متناولاً قضايا شديدة الحساسية بتلقائية شعبية وبدون تكلف. يقدم لنا مينا من خلال هذا العمل إطلالة ثرية ومعاصرة على ممارسات اجتماعية وشعائر دينية وحواجز طائفية وموروثات ثقافية تشكل جزءًا من نسيج مجتمع الصعيد يكاد أن يكون غائب كُلية عن وعي أغلب المصريين، دون الحاجة إلى ارتقاء صهوة جواد الرواية التاريخية التي صارت مدخل الكثيرين إلى أرفف "الأكثر مبيعاً".

أعتقد أني بصدد قراءة المزيد من أعمال مينا عادل، إذ ينطلق من مساحة شديدة الخصوصية نحو فضاءات عامة بطبيعتها، ضارباً توازناً لا يُخل بالسرد ولا يُرسّخ لمانيفستو مستهلك.

مينا عادل قرر إنه ياخدنا في رحلة الى عالم الأقباط ودواخل حياتهم الخاصة بيهم من خلال مجموعة قصص قصيرة جدا جدا، يمكن تكون مواقف أكتر منها قصص، وجزء من براعة الكاتب إنه في سطرين تلاتة بيكون رسم الصورة كاملة للحكاية اللي هيحكيها في صفحتين تلاتة برضة، كل ده بيعمل منه قصة كاملة ببداية ونهاية ورسالة، لا ومش مرة واحدة لا دا مالي كتاب كامل من الميكس الصعب ده!

القصص بتعرف الواحد حاجات كتير عن تداخل الدين المسيحي في الحياة الاجتماعية للأقباط، وعلاقتهم برموز وخدام الدين، وعلاقاتهم ببعض وبالمسلمين.

القصص متنوعة بس أغلبها ساخر، وفي بعض الأحيان هزلية مضحكة، وفي أحيان أخرى محزنة ومخزية...

قرأته ضمن تحدي 'أبجد' للقراءة

محمد متولي

مجرد تحويل حكايات وقصص ونكات الطفولة والمراهقة للفصحى

لولا الشتائم وبعض الألفاظ الغير لائقة كنت ادتها 5.