"الفن لا يُمكن أن يكون إلا صادقاً وناتجاً عن مشاعر عميقة وحقيقية وخيال غامر."
كتاب "كتابة القصة القصيرة فن أم تجارة؟" هو محاولة لفهم نوع أدبي له رواج وقبول، وله كُتابه الذين بنوا شهرتهم وإرثهم على القصص القصيرة، فعندما تُذكر القصة القصيرة تتذكر تشيخوف وموباسان وإدغار آلان بو وعربياً غسان كنفاني ويوسف إدريس، وحتى أن كتاب الروايات الطويلة قد كتبوا هذا اللون مثل "دوستويفسكي" و"ماركيز" عالمياً، وعلى المستوى العربي هناك "نجيب محفوظ" و"جبران خليل جبران" و"إحسان عبدالقدوس"، إذاً، فهل للقصة القصيرة قواعد نمشي عليها، أم أنها مجرد كتابة كأي كتابة أخرى؟، ومن العنوان أيضاً نحاول فهم هل هي فن فعلاً؟ أم مجرد محاولة للاسترزاق والتجارة دون بذل مجهود أكبر كمجهود الرواية مثلاً؟
".. للوصول إلى التعبير عن الذات أدبياً، يجب عليهم أن يُدركوا أولاً أنه لا توجد وصفات لها أي فائدة في أزمات الحياة، ومن ثم لا فائدة منها في الأدب، مثل الانبثاق الفني أو تحول الحياة. يجب عليه تحفيز الفكر واستقلالية الفكر، حتى إلى درجة التجريب؛ لأنه بهذه الطرائق تم تقديم جميع المساهمات العظيمة للخزينة الثقافية في العالم."
يُحاول الكاتب "ناثان بريليون فاجن" في هذا الكتاب الذي صدر منذ 100 عام -1923- أن يشرح لون القصة القصيرة، وما واجهه من انتقادات عديدة، في زمنه، حيث أنه كان رواجه أكثر بكثير من الوقت الحالي، وكان النشر للمجلات والصحف مقابل مبلغ مادي، ولكثرة عدد الكتاب، كانت الصحف والمجلات تضع قيود عدة، شرحها "ناثان" بالتفصيل كالجنس والدين والتفائل والأمركة، مع ذكر أمثلة عديدة، ومحاولة حقيقية لنقد القصة القصيرة في زمنه، ثم أكمل بعدة نصائح حول كيفية كتابة القصة القصيرة؛ والتي رأيت من خلالها أنه يحاول القول أنه لا توجد قواعد شديدة الصرامة في كتابة القصة القصيرة، الأهم أن تلتزم بكونها قصة؛ أي لها بداية وأحداث ونهاية وشخصية/شخصيات، وبكونها قصيرة، وغير ذلك، أكتب ما تُريد أن تقوله، جرب، ولا تظن أن القصة القصيرة لون واحد لا يتغير، بل هو طيف عديد من الألوان، وقد يتشكل لونان معاً أو أكثر، فتكون الاحتمالية لانهائية!
ختاماً..
كتاب جيد ومُمتع عن القصة القصيرة، أنصح به لمُحبي القصة القصيرة من كتاب في المقام الأول -فهو في عدة أجزاء من الكتاب تشعر بأكاديمية الطرح- وقراء ثانياً، وذلك لا يمنع على الإطلاق أن الكتاب ممتع في طرحه وسلس في سرده.