رسائل رطبة
تأليف
نبيل جميل
(تأليف)
الكتابة لا تفي بالغرض، الحقيقة تدفن مع الإنسان، يحملها معه إلى قبره، وحده الله يعلم ما تخبئه الذاكرة. محاكمة النفس الأمّارة ليست بالسوء وحده، فثمّة إشكال في هذا الأمر، ما يبتغيه الإنسان من زمانه يلزم التقصي عن حقيقته، فالظاهر لا يعني شيئاً مقابل ما دفن في الذهن.
إن عدم القدرة على اتخاذ قرار، يشكّل ارتياباً وقلقاً من عدم تحقيق أمنية، فَرْحة، قَدْحة شرر تشعل ما يبس من حطب، فيتخذ الإنسان وبعجالة قراراً، يعده الصواب بما آل إليه من نكد، فتذوب الحكاية التي كان يؤخّرها وينوي إكمالها مع من يحب. تتشعب الرؤى ويدوخ، ليجد نفسه في دوامة أخرى أشدّ وقعاً بآلامها عليه. يتخبط، يحاول إبعاد خيوط ما التفَّ عليه من شِباك، لكن لا فائدة، فالخيوط هي الأخرى أخذت تتناسل على مرّ السنين، ويجد نفسه قد امتثل للأمر الواقع، يراقب شكله في مرآة العمر، ولم يتفاجأ بالشيب وانحناءة الظهر، يتقبّل الأمر كيفما اتفق مدارياً عورة تساؤلاته الهرمة، يمضغ هزائمه، فراغات ما تساقط من أسنان ويعزو السبب للظروف، يعلّق بؤسه كخرقة قماش على شمّاعة العمر ويرفع شعار: هذا قدري المكتوب.