الكتاب عبارة عن مجموعة عناوين او فصول يربطها خيط هو مايسميه الكاتب رواية . لكن الحقيقة كل منها اشبه بقصة قصيرة مكتملة، منها ماهو من نمط تشيخوفي، ترقى لمستوى الأعمال العالمية، ومن اهم ميزاتها، المصداقية ورهافة الحس ونزاهة النظرة الانسانية للعالم الذي حول الكاتب .
بالحق استمعت بالرواية، ولو ان بعض، القلة منها، في هذه الفصول التي رايتها تخرج عن سياق الرواية كمستوى متميز ليهبط من خلالها وكأنها نافرة عن بقية الفصول او العناوين .
بالرغم من اني مجرد قارئ ولست ناقداً او اديباً، لكني لمست بإحساسي، ان الكاتب لديه موهبة كتابة القصة القصيرة بكل ماتحمل من ميزات مكثفة ومحددة الزمان والمكان، بالرغم من ان لديه روعة السرد وحنكته . بالمحصلة: احببت العمل ولم تندم على قراءته، بل اضاف الي شيئاً مهماً، اني تعرفت على كاتب نزيه واخلاقي وحكايته دافئة .
وانا طالب بالجامعة، زرت كفرية مرتين بزماني، ولا اذكر منها الا الغابات والخضار على جانبي الطريق والنهر الذي له مكان بالرواية، لكن بعد قراءتي لرواية شعبو "كأجراس بعيدة" وبعد ان انهيت فصولها الممتعة، شعرت اني اعرف كفرية بكل تفاصيلها واحداثها وميزاتها وناسها وخلال عقود زمنية عديدة، لكأني تعايشت بالرواية مع أهلها ومجتمعها وشخصياتها التي صنعت الذكريات ذات القيمة الانسانية لدى الكاتب او حتى الذين كانوا على هامش الحياة، ولمست مدى مصداقية الكاتب وبساطة سرده، وبت اعرف حتى مداخله النفسية وعمق حسه الانساني، ذاته المليئة بالطيبة والنباهة وذكاء خام لايشوبه اي شائبة، بالرغم من الصعوبات التي عانى منها الكاتب اثناء مسيرته المتعثرة انسانياً وسياسياً احياناً فقط نجح احد بعيد بتحقيق انجازات شخصية متميزة في مسيرة حياته .
كاجراس بعيدة، هي حكايا وذكريات الحت على وجدان الكاتب وظلت تدق حتى انجز عمله الروائي" القصصي" وقدمه بمصداقية كبيرة. يلمس القارئ ذلك في توصيف البيئة وفهمه لشخصيات مجتمعه واقطاره الذكية، وحبه الواضح لعائلته ومجتمعه وبيئته التي انجبته .