صياد النسيم
مجموعة قصصية للكاتب محمد المخزنجي - فيها الكثير من السياسة والاسقاطات - والحق يقال أن الكاتب حكاء بارع - تشعر بكلماته التي تصف المشهد بدقة شديدة وبعين قادرة على التقاط أدق التفاصيل وكأننا نشاهد فيلماً ما، فهذا مثلاً اقتباس من قصته الأولى: "دندنت في نسيم آخر الليل. وفي ضحى اليوم التالي بعدما استيقظنا وجدت نفسي وأنا أعد الإفطار البسيط مما تيسر.. أدندن. أغني للنجوم الزاهرة في طاسة البيض المقلي ولرشة الفلفل الأسمر والملح على وجه النجوم أغني. أغني لشرائح الخبز المُقمَّر في تناسقها على حافة الطبق، وأُغنِّي لوردات الطماطم وثلاث زيتونات منسية رصعت بها حمرة الباقة. أغني لانسكاب قليل الحليب في حضن القهوة الساخنة". كلام جميل فعلاً تستطيع أن تراه وتشمه وتتذوق طعمه في فمك!
وهذا وصف دقيق ومختصر عما صوره الكاتب من معنى حول القصة الثانية "كيف تصور الثمانية أنهم إذ يُحضرون إليها كل احتياجات البيت يخدمونها. لم يدركوا أبدا أنهم يحرمونها من رؤية الدنيا الواسعة خارج الحارة على مقربة خطوات. كانوا يسجنونها، وهي تؤدي في سجنها عملاً بحجم الأشغال الشاقة لأبنائها"
واستخدامه هنا للتعبيرات المختلفة عن الحر مدهشة "أكثر من مليوني سيارة لا تتوقف عن دهس شوارع هذه المدينة المتورمة بلا انقطاع نافِثةً في صدرها الذي انعدمت رئاته الخضراء غازات عوادمها وحرارة هذه العوادم. يسكنها عشرون مليونا يشهقون من صهدها ويزفرون صهدا. وينضاف إليهم أكثر من خمسة ملايين ولا يغادرون إلا في الليل. يشاركون في إحياء مهرجان الصهد المكلل بمئات آلاف أجهزة التكييف التي لا تتوقف كمبروسوراتها عن طحن الهواء لتنفثه باردا داخل البيوت وتخرجه زفرات ساخنة ورطبة تزيد طين التلوث بلة. تتحول المدينة إلى جزيرة حرارية جهنمية"
كم تحدث عن السرطان "نوع من السلوك الإجرامي لا يماثله إلا سلوك الغزاة والطغاة، حفنة من شذاذ الآفاق يفرضون وجودهم الشره على الكثرة من الودعاء والمسالمين والذين يمشون على الأرض هونا، وفي شراهة توسعهم ينشرون أتباعا يماثلونهم في العدوانية والنهم يضربون في كل اتجاه للسيطرة على بقاع جديدة والطغيان على بشر آخرين"
استمعت إليها على تطبيق "ستوري تيل"
#فريديات