أبو حيَّانَ التوحيديُّ» أديبٌ وفيلسوفٌ قدير، لم يَحْظَ بالقدرِ الكافي من الاهتمامِ بعِلمِه وأدبِه في حياتِه، حتى إنَّه أَحرَقَ أغلبَ آثارِه قبلَ وفاتِه فلم يصِلْنا مِنها سِوى القليل. وكانَ واحدًا من أهمِّ تلكَ الآثارِ الباقيةِ الكتابُ الذي بينَ أَيْدينا اليوم، والذي كانَ لكتابتِه حكايةٌ حكَاها «أحمد أمين» (وهو أحدُ محقِّقيهِ)؛ فلقد كانَ «أبو الوفاءِ المهندس» صديقًا للتوحيديِّ ومُقرَّبًا لأحدِ الوزراء، فقرَّبَ «التوحيدي» إلى هذا الوزير، وبعدَ سبعٍ وثلاثينَ ليلةً مِنَ السَّمَرِ بينَ الوزيرِ و«التوحيديِّ»، طلبَ «أبو الوفاء» من «التوحيديِّ» أنْ يقصَّ عليه ما دارَ في ذلك السَّمَرِ وإلَّا أبْعَدَه وأوقَعَ به العقوبة، فما كانَ مِنْه إلَّا أنْ وضعَ تلك اللياليَ بالفعلِ في هذا الكتابِ الذي سمَّاهُ «الإمتاع والمُؤانسة».
سَمرٌ أَخرجَ لنا سلسلةً مِنَ الموضوعاتِ الشائقةِ لم تخضعْ لترتيبٍ أو تبويب، اشتملت على طرائف ممتعة، واعتبرت في مُجمَلِها مرآة لبلاد الرافدين في النصفِ الثاني مِنَ القرن الرابع الهجري.
#اقتباسات
"قال ابن السماك: الله المستعان على ألسن تصف، وقلوب تعترف، وأعمال تختلف"
" و الدنيا حلوة خضرة، و عذبة نضرة. و من شف أمله شق عمله، ومن اشتد إلحاحه توالى غدوه ورواحه، ومن أسره رجاؤه طال عناؤه وعظم بلاؤه، ومن التهب طمعه وحرصه، ظهر عجزه ونقصه"
" أصبح الدين وقد أخلق لبوسه، وأوحش مأنوسه، واقتلع مغروسه. وصار المنكر معروفا، والمعروف منكرا، وعاد كل شيء إلى كدره وخاثره، وفاسده وضائره. وحصل الأمر على أن يقال: فلان خفيف الروح، وفلان حسن الوجه، وفلان ظريف الجملة، حلو الشمائل، ظاهر الكيس، قوي الدست في الشطرنج، حسن اللعب في النرد، وهذه كلها كنايات عن الظلم والتجديف، والخساسة والجهل وقلة الدين وحب الفساد، وليس فيها شيء مما قدمنا وصفه عن القوم الذين اجتهدوا أن يكونوا خلفاء على عباد الله بالرأفة والرحمة والاصطناع والعدل والمعروف"
#مراجعات_كتب #أمة_اقرأ_عادت_تقرأ #عمرو_يقرأ #اقتباسات