التاريخ ملئ بالقصص والحكايات التي ترتبط ارتباط كُلي بالأشخاص والأماكن ، رغم تخرجة من كلية الآثار لأنه عاشق للتاريخ المصري إلا أن ظروفه أوجبت عليه العمل في وظيفة أخري.
قرر حكيم أن يعيش حياتة التي أراد ، ترك وظيفتة وعاد إلي مسقط رأسه في منطقة زقاق المستكفي الغنية بالآثار والتاريخ الذي لا ينتهي.
الأصل في العمل أنه تاريخي ، لكن التاريخ ليس بمعزل عن الظروف الاجتماعية وتقلباتها بين الأزمنة ، كان حكيم يدور مع ما يحدث حولة ، في علاقتة الزوجية وظروفة الاجتماعية ، يتقلب وتضطرب علاقته حتي مع نفسه ، تقسو الحياة علينا في الكثير من الأوقات ، ندور حول أنفسنا ونتقلب بين جنباتها باحثين عن ركن مُريح لكن هيهات أن نعثر عليه.
وعلي الجانب الآخر من الحكاية ، كُنا نشهد فترة صعبة في دولة المماليك ، حيث توفي السلطان الناصر بن قلاوون وتركت وفاتة الباب مفتوحاً لصراعات مُستمرة بين أبناءة وسلاطين المماليك المتطلعين للسيطرة علي السلطان الجديد والتآمر عليه لإمساك زمام حكم البلاد.
تولى السلطان حسن بن الناصر محمد قلاوون عرش مصر، كسلطان للدولة المملوكية بعد أخيه المظفر زين الدين حاجى بن الناصر محمد الذي قتلة المماليك بعدما سئموا من تصرفاته العشوائية التي تسببت في الغلاء وبددت خزانة الدولة في مصر والشام ، حينما تولي السلطان حسن الحكم كان صغير السن ولم تكن الولاية كاملة له حتي يبلغ سن الرشد ويكون أهلاً لإدارة شؤون الدولة.
طالت النزاعات بين المماليك والأُمراء في ظل وضع إجتماعي صعب ومقيت ، فقد كان من الحظ السيء للسلطان حسن أن حل الوباء علي مصر والشام في عهده ، وباء الطاعون القاتل الذي لم يعرف له دواء ولا طال أحد منه شفاء.
وفي نفس الظروف المُشابهه كانت الفترة الزمنية التي نرافق فيها حكيم في قصتة في العام ٢٠٢٠ ، حيث حلّت الكورونا مُتفشيه ومنتشرة في العالم أجمع ، وهو تداخل مناسب جدا وتوظيف رائع من الكاتبة لربط الأحداث وسهولة دمجها بالتاريخ الذي يُثبت يقيناً ومع الوقت أنه يُعيد نفسه.
الرواية ممتعة جداً ، لا تنتمي لأدب الرعب ، لكن بها لمحات من إثارة وغموض وخيالات مُربكة ، وُضعت بشكل مميز لربط الزمن الحديث بالقديم والمزج بين الحكايتين.
الاسلوب السردي سلس وناعم ، واللغة الحوارية بسيطة رغم فصاحتها ، والحكايات التاريخية رغم كثرتها هي وشخوص العمل والحضور من أبطال التاريخ لكن الكاتبة جمعت كل ذلك في تداخل اجتماعي وسياق قصصي جميل ، لا يعيبه سوي أنه ينتهي سريعاً.
القراءة الأولي لأعمال الأستاذة مروي جوهر ولكنها بالقطع ليست الأخيرة.