رواية "جنتنا وجحيمهم" هي تجربتي الثالثة مع الكاتب "شريف سالم"، بعد تجربة رائعة في "قانون الدويني" وتجربة متوسطة في "دماء بنكهة الفانيلا"، يُغرد خارج ملعب الجريمة والإثارة والتشويق برواية ذات طابع مستقبلي تحدث في العام 2037، تناقش بطريقة فلسفية التدين والإلحاد والتشدد والتعصب الديني مع بعض اللمحات السياسية بطريقة ذكية، من خلال شخصية "جميل سالم" الصحفي، لاديني يُفضل أن يُعتبر ملحداً، وزميلته "سارة" المتدينة، يجدا أنفسهم في رحلة إلى الصعيد بعد مقتل 4 طلاب يتضح أنهم زملاء، وطلبة آثار، فهل للعنة الفراعنة دخل؟ تطول كُل ما يقترب منها أكثر من اللازم، أم هناك سراً أكثر خطورة على وشك الانكشاف؟
ومن خلال حدث معين يحدث بالتزامن مع ذهابهم إلى الصعيد، لن أقوم بالكشف عنه لأبعد عن منطقة الحرق والإفساد، ولكن ذلك الحدث يعرض وجهة نظر الرواية وفلسفتها، فُيوضع البشر في اختبار قاسي، لتدينهم، سواء كان زائفاً أن حقيقياً، كل تلك الثوابت تُهدم، فهل سيظل المؤمنون على عهدهم؟ أم سيتشككوا؟ ويخافوا؟ وخصوصاً في ظهور البديل، الذي يزعق بأنه الحق! أضف إلى ذلك الجنون الديني الذي سيحدث لأن كل أتباع الديانات سينتشروا في كل الأماكن ليثبتوا أن دينهم هو الحق، ولأننا كما تعلم شعب مُتدين بطبعه، فستجد الحدث في مصر مجنوناً وكابوسياً، وتشعر بلمحات ديستوبيا قادمة، وأصبح تقبل الأخر فكرة غير مُحذبة، فأصبحت حرباً أهلية مجنونة، ومن أجل ماذا؟ مُجرد عبث.
ختاماً؛
رواية تخيلية ولكن لا تستبعد حدوثها مع كل الجنون الذي أصبحنا نعيشه، وكل تلك الخيالات التي كنا نعتقد أنها لن تحدث وأصبحت أمراً عادياً، يطرحها "شريف سالم" بجاذبية ورشاقة داخل روايته، وأظن أن الرواية ستجعلك تفكر في فلسفتها، لن تجدها رواية من وجهة نظر ملحد غاضب، أو من مؤمن مُتشدد، ولكنها متوازنة بشكل يدعو للتفكير، وليس لنصر فكرة على أخرى.
بكل تأكيد يُنصح بها.