بحوث فلسفية
نبذة عن الكتاب
كُـتِـب عـن فتجنشتين في موسوعة ستانفورد للفلسفة أن البعـض يعتبره الفيلسوف الأكبر للقـرن العشريـن، وتتردد جملـة "أصبحـت الفلسفة بعـد فتجنشتين غيرهـا قبلـه"، وهـي عبـارة لا يقال مثلهـا إلا على رواد أصـلاء حوَّلوا مسار التفكير في القديم أو الحديث. فتجنشتين "هـو الرجـل غريب الأطـوار الـذي جمـع في إهابـه النحيـل، وأسلوبه الجميـل، ومنهجـه في التحليـل بـين المنطقي الدقيق، والكاتب الرقيق، والمتصوف العميق". إن الأفكار المنشورة في هذا الكتـاب الفـذِّ للفيلسوف فتجنشتين هي حصيلـة بحـوثٍ فلسفية شغلته على مدى ست عشرة سنة، وهـي تتعلق بموضوعاتٍ عديدة: منهـا مفاهيـم المعنـى والفهم والقضية والمنطـق وأسس الرياضة وحالات الوعـي، وغيرهـا مـن الموضوعـات. وكمـا يعـرفـه قـراؤه، يضـع فتجنشتين أفكاره في قالب الحِكَم الموجـزة التـي يكثِّفهـا في فقراتٍ دقيقـة محكمة يمكن أن تطول أو تقصر حسب ما تقتضيه الفكرة.التصنيف
عن الطبعة
- نشر سنة 2023
- 511 صفحة
- [ردمك 13] 9789777653688
- آفاق للنشر والتوزيع
تحميل وقراءة الكتاب على تطبيق أبجد
تحميل الكتابمراجعات
كن أول من يراجع الكتاب
-
Ehab Mohammed Abd Elsalam
من عادتي ألا أكتب مراجعة لأي كتاب إلا بعد مرور مدة من الزمن تسمح باستقرار غبار القراءة بحد وصف فيرجينيا وولف، ولكن هذا كتاب كتبت له ثلاث مراجعات قبل حتى أن أنتهي منه، فربما ما آثاره من غبار لن يكتب له الاستقرار أبدا.
ولما كانت إحدى المراجعات ما هي إلا وصف لشعوري بنشوتي الفكرية أثناء القراءة فآثرت أن احتفظ بها لنفسي، فلا أحد سيعنيه أمر شعوري أثناء القراءة، ولما كانت المراجعة الثانية هي مراجعة جادة لأفكار الكتاب ومحاولة لفهمه، فآثرت أن احتفظ به أيضا حتى لا يظنن أحدا أن محاولاتي للفهم هي فهم للكتاب فعلا، فيصفني بالتعالي والغرور.
فلم يتبق لى ما أكتبه سوى ملاحظاتي المهوشة التي دونتها على هامش الكتاب، لأن هذه الملاحظات تخصني، وتخصني وحدي، وبالتالي أكون متحملا لكل أوزارها ومعترفا بعوارها: وها هي ملاحظاتي بترتيب كتابتها وبكل أخطائها وعدم اكتمالها:
- يقصد هنا أن الحقيقة أو الشعور الداخلي ليس وهما، فهو موجود ولا ينكره إلا جاهل، ولكن ما سبيل تعيينه بدقة واتفاق لا يقبلان الشك بالمعنى الفلسفي؟ مستحيل، ولكن السلوك بصفته شيئا ظاهرا هو الوحيد مناط الحكم والاتفاق. طيب، ولكن أيا من كان قد يدعي السلوك مع غياب الشعور. صحيح ولكنه يدخل في الكذب والكذب شيء محكوم بقواعد اللغة أو اللعبة
- مدار القول كله هنا يدور حول ما يصلح أن يقال باعتباره لعبة لغوية اتفاقية عرضة للتغيير، وما يمكن قوله فلسفيا باعتباره يقين مطلق، يتماشى مع منطق الهوية والذاتية.
- نخترع صورة منطقية، لا يمكن إلا أن تعبر عن قول قائلها، ثم نعممها باعتبارها المعيار، فإما أن ينطبق عليها الواقع وإما لا، ولا بديل ثالث. وبذلك نقع أسرى التصورات واللغة بدلا من التماس الواقع المتغير باستمرار.
- القضية المنطقية ليست إلا، تبعا لعلم المنطق، إلا جملة مكونة من كلمات وسليمة نحويا ويصلح بعدها أن يأتي إما كلمة صادقة أو كاذبة، بمعنى أنه ما ينطبق عليها دالات الصدق فقط!!! ولكن لا تتطرق إلى معاني الألفاظ والكلمات بل ولا إلى معاني الصدق أو الكذب، وهذه المعايير بحكم أنها مصوغة في لغة عرضة دوما لتغيرات في قواعد لعبتها ومعانيها، فإن القضية - فلسفيا -؛لا تقول أي شيء على الإطلاق!!!! ولا يمكن سبر غورها إلا باللجوء لاستخدامها في الواقع العملي وسياقه المتغيير، مرة أخرى المنطق يجعلنا أسرى الكلمات والقوالب الجاهزة
- اللغة هي وسيلتنا للتواصل، ووهي ما نعبر بها عن ماهية ما يجري في أذهاننا في صيغ نحوية، أما ماهية ما يجري فعلا فهي مستعصية على التعبير إلا بالتمثيل اللغوي.
- البشر جزر منعزلة، ولا يمكن لأيا من كان أن يعلم يقينا بماهية العمليات الذهنية التي تجري في الآخر، فالإنسان له حق القول أن يقول أن ما يحدث في نظيره الإنسان قد يكون مشابها لما يجري داخله، ولكنه لا يستطيع الجزم بذلك مطلقا إلا إذا كان هو نفسه محل الآخر، إذا أي قواعد موضوعة ستكون اعتسافية إذا كان مصدرها فرد بعينه، ولن تكون محل اتفاق إلا إذا كانت تفاعلية يتوافق عليها البشر في تعاملاتهم، وبذلك لا تكون اللغة معبرة عن ما تحمله من معاني إلا في سياق استخدامها، وفي سياق قواعد اللعبة المتغيرة دوما
- الاسم غير المسمى
- هنا بشكل ما لا أعلم علاقته بالموضوع، يمكن أن نستدعي مسألة عمى الألوان، فالمصاب بعمى الألوان يقول عن الأخضر أسود، لا لأنه يتعمد الخطأ والمخالفة ولكنه يراه كذلك بالفعل وهو صادق في قوله، فلنتخيل مثلا أننا جمعنا جميع المصابين بعمى الألوان في مكان واحد ليس فيه سواهم ولا يعلمون فيه بوجود غيرهم، فهم في هذه الحالة عندما سيرون ما نسميه نحن أخضر سيقولون عليه أسود، ولما كان جميعهم سيرونه كذلك، إذا فليس هناك أي خطأ بينهم واعتمادا على سياق معرفتهم، إذا ليس هناك أي ارتباط ضروري بين اللفظ وما هو موجود بالخارج فعلا إلا في إطار التوافق على استخدام اللفظ، فقد نتخيل يوما أن يتفق البشر فيطلقون على الأسود أبيض والعكس صحيح، ويكونون محقين تماما في ذلك لأنهم سيقرنون دوما بين الأسود كلفظ وما نلفظه نحن بلفظ الأبيض الآن، فإذا سافرنا بالزمن سنقول لهم هذا خطأ فما تطلقون عليه أسود هو أبيض، ولكن عندما سأجدهم في كل مرة وتبعا للعبتهم اللغوية يقرنون بين الشيء الخارجي واللفظ فإنني سأتبع قواعد لعبتهم وسيصبح الأسود أبيض والأبيض أسود
- المعرفة اعتقاد، اعتقاد جازم بأن الأمر لا بد أن يكون كذلك.
- الاعتقاد الجازم هو توقع مصوغ في لعبة لغوية، فقولي أنا على يقين بأن ما أمامي هو إنسان، لا يعني بالضرورة أنك تعرف ماهية الإنسان (فلسفيا) وتستوفي كل صفاته ولا حتى تعرف ماهية ما تطلق عليه (يقين)
- الكلمة سلطة، اللفظ سلطة، لأنه ليس مبرئا من أي معنى، واللفظ مشحون بمعنى قائله، اقتل فلان، هذا أمر، ولكنه ليس عامل سببي ضروري بمجرد قوله سينصاع له المأمور، المأمور يتصرف للأمر وفقا للسياق، اقتل فلان فيقتله لأنه هو نفسه سيقتل إن لم يقتل
ـ اللغة أداة تأثير، ليست أداة تواصل في المقام الأول، فعندما ننطق بكلمة يكون مبتغانا منها ما ستنتجه من اثر يقصده الناطق، العزائم والتعاويذ كلام لا معنى له ولكنه يحدث تأثير قوي في المستمع، والشائعات لا تحمل أي شيء من الصدق فهي قضايا كاذبة بلغة المنطق، ولكنها قضايا فاعلة ومؤثرة بلغة الحياة اليومية
- الخبرة خبرتان؛ خبرة المعنى وهي خبرة لحظية في سياق الاستخدام، وخبرة الخيال ( الصورة الذهنية) وهي من جنس اخر تماما غير خبرة المعنى.
- الشعور بمعنى اللفظ، واللفظ نفسه، ليس هناك وجود رابطة سببية ضرورية بين الشعور بالمعنى والكلمة، لأن الشعور قد يوجد دون اللفظ، واللفظ قد ينطق دون الشعور، وقد يتفق الاثنان معا، ولكن حتى في حال اتفاق الشعور بالمعنى مع لفظ الكلمة، فإنما هو شأن إنساني داخلي لا يمكن أن يكون محل إطلاع من آخر، وبذلك يكون للكلمات معانيها فقط في سياق استخدامها، وإذا فصلت عن سياقها، فصار كل معنى لها محتملا.
- الخبرة هي الأساس، الاستعمال في السياق هو المعنى، أما جميع تصوراتنا الذهنية المخزنة في الذاكرة فعليها ألا تكون الحاكم على التجربة، لأن التجربة قد تضيف تصورا ذهنيا جديدا لنفس الشيء، وبالتالي إذا حكمت بالمخزون فلن تمنح أي مجال لتصور جديد، بل سيؤدي في النهاية إلى الجمود وفقدان القدرة على التفاهم، لأن ثبات الصور ينافي تجدد الخبرات وتدفقها المستمر.
- نخلط دوما ما بين الوصف والتعريف، فنحن دوما نصف أو نشير لظواهر مصاحبة للعملية الرئسيسة دون أن يكون لدينا أي علم عن ماهية العملية التي نصف الظواهر المصاحبة لها، فنحن عندما نقول أنا أعرف أنني أتذكر الآن كذا وكذا، فإنك لا تشير إلا إلى ظواهر التذكر لا عملية التذكر نفسها وعللها وآلياتها إذ أنها كلحظة فهي عابرة مستعصية، ويسري الأمر على كلمات الإرادة والتفكير والفهم فكل هذه كلمات نخطأ فلسفيا إذا قلنا أننا نعرفها، ولكن عندما نستخدمها في سياق الحياة اليومية ومواقفها فهي لها معناها الذي يمكن وزنه بميزان خارجي من الدلالات والإيماءات والنبرات والنظرات، أم الفلسفة فتخطيء عندما تجرد هذه الخبرات المتغيرة من سياقها لتضعها في تصور عام مغلق ثم تعود لتطبيقه على الواقع، ففي لحظة تجريد المفهوم لصنع صورة ذهنية معينة يمكن تطبيقها بشكل عام، في نفس هذه اللحظة يكون نفس المفهوم يجري في دوامة الحياة متخذا صورا وأشكالا وكلمات جديدة، في حين تظل الفلسفة أسيرة تصوراتها وألفاظها التي جردتها في لحظة من لحظات الزمن المتدفقة، الزمن الذي هو كمفهوم فلسفي أصلا ليس محل اتفاق.