لا يُمكنني أن أفهم لماذا يجد معظم الناس الحديث عن الموت صعباً. إنه الأمر الوحيد الذي لا مفر منه على الإطلاق، الأمر الذي سنمر به جميعاً في أيامنا القادمة."
كتاب "التأهب للرحيل" هو واحد من أجمل الكتب التي قرأتها في الفترة الأخيرة، رغم أن الموضوع الذي يتحدث عنه ليس الموضوع الذي اعتقدت أن الكتاب يدور حوله!
في البداية، عندما ستقرأ العنوان ستعتقد أن هذا الكتاب يدور حول العلاقات البشرية، وكيف تُعد من حولك لرحيلك الحتمي، ولكن، هذا الكتاب هو كتاب عملي جداً، يتحدث عن جانب لم أجد أحداً جريء كفاية كي يتحدث عنه، وهو كُل تلك المُتعلقات الخاصة بك، كيف تُريح أقاربك وأصدقاءك من تلك الفوضى التى تركتها. تخيل كم الكُتب التي تتملكها، الملابس، الأكواب، المُتعلقات الشخصية، الأقلام، إلخ.. كُل تلك الأشياء التي هي حياتك، تلك الفوضى في كُل مكان، هل ستترك كُل ذلك خلفك بدون ترتيب؟ أسرارك، أفكارك، وكُل تلك الأشياء التي تذكرك أن عشت حياة، رائعة أو سيئة، لا فارق، فقد اقترب الموت بما فيه الكفاية لأن تُفكر أن كُل تلك الأشياء لن تأخذ منها شيئاً معك.
وعدت الكاتبة في البداية أنها لن تجعل الحديث عن موضوع الكتاب الحزين بشكل حزين! وقد نجحت في ذلك تماماً، الكتاب لطيف، ومرح! يتعامل مع أشياء حزينة وعند تجربتها ستكون حزينة فعلاً، ولكن أسلوب الكاتبة مرح، وكأنها وصلت لتلك المرحلة التي لا تأبه لأي شيء من الحياة، هي فقط تُريد أن تستريح، تنتظر أجلها الحتمي.
أمثلة الكاتبة التي ذكرتها من حياتها الشخصية حيث أن عمرها كما تقول "بين الثمانين والمائة عام"، جعلت للكتاب وزناً حي، هناك شخص قام بذلك فعلاً، هناك شخص يستعد للموت، ويتقبله، ولا يجد فيه شيء مقيت، لأنها قد عاشت حياتها، رأت حتى أحفادها، ورُبما أحفاد أحفادها رأتهم أو ستراهم.
كتاب "التأهب للرحيل" هو واحد من الكُتب الذي سأحرص أن أقرأه كل عشرة سنوات في حياتي، إن شاء الله، كتاب ينصح بالحد الأدنى من شكل الحياة، في ظل التطور الرهيب والقوة الشرائية للبشر، التي تجعلهم يشتروا أشياءاً لا يحتاجوها في الأساس.
كتاب رائع، صادم، عن عملية الموت، وما يليها، وبكل تأكيد يُنصح بها.