ـ عثرت على هذا الكتاب بالصدفة في تطبيق "أبجد" ولا أعلم شيئاً عن مستوى الكتاب، ولا عن أسلوب كاتبه، لكن يكفيه أنه يتناول يوميات الغزو العراقي للكويت من وجهة نظر مقيم فلسطيني عايش هذا الغزو أثناء وقوعه، هذا في نظري كافٍ لقراءة الكتاب!
ـ بدأت في قراءة الكتاب ووجدته كما توقعت من عنوانه شيقاً وثرياً، لكني لم أعثر إلى الآن على: كيف كان الناس يعيشون أثناء الغزو وكيف يصرفون أمورهم، وما هي مخاوفهم وآمالهم وآلامهم، كيف كانوا يفكرون ويتوقعون ويتوقون؟ وأحسب وأفترض أن الكاتب سيأتي على شيء من ذلك في صفحاته القادمة.
ـ أمتع ما يقدمه لي هذا الكتاب أنه يجعلني أعيش أحداث أزمة الخليج كما وقعت بالفعل، أو كما نقلها الإعلام العربي والغربي، والكاتب في غالب ما يكتبه ينقل عن هذا الإعلام ويعتمد عليه، فنحن وإياه كنا نأخذ من المصدر الإعلامي ذاته، وعليه هذه الإيام تجعلني أستعيد تلك اللحظات الدقيقة التي عشتها مع هذه الأزمة التي هزتنا وهزت المنطقة بعنف، لكن لا زلت أفتش في الكتاب عن شيء لم أعشه، وأريده أن يرويه، وهو كيف عاش سكان الكويت محنة أزمة الخليج، أو الغزو العراقي لبلادهم؟ هذا ما آمل العثور عليه لأنه سيضاعف متعتي، بل لعل ذلك هو الغاية التي لأجلها قرأت هذا الكتاب!
ـ سأنقل الآن يومية أوردها الكاتب تصف الوضع الذي كنت أبحث عنه في الكويت يقول: " مررت في شارع تونس بحولي، فأصبت بالحزن الشديد على حال البلد، ولهذا الشارع الذي كان يعج بالحركة والنشاط، السيارات قليلة في الشوارع، وهي تمر بالإشارات دون اعتبار لها، على عكس ما كانت عليه الحال في بداية الأمر. المحال مغلقة، ومعظم المحلات التي كانت تعرض في فتريناتها الأجهزة الكهربائية والإلكترونية وغير ذلك من الأجهزة والأدوات المتنوعة، قد خلت من هذه الأشياء. وبعض الجنود مما يسمى بالجيش الشعبي العراقي يترنحون من شدة الحر في ظلال الأقبية التي تتقدم المحلات التجارية
قارعة الطرق وفي زواياه، يحملون رشاشاتهم يتلفتون حولهم كالضائعين. كثير من الناس بدؤوا يقفون على الطرقات وهم يبيعون بعض السلع الغذائية البسيطة. هناك سلع اختفت تماما ولم يعد الحصول عليها ممكناً.
وجدت في البيت عند عودتي عدداً من الأصدقاء د.إبراهيم، وهو كغيره، حائر في موضوع: نسافر أم لا! مشكلة الدكتور إبراهيم زوجته التي تلح في كل يوم على السفر إلى الخارج، وهو خائف عليها وعلى أطفاله. وكان إبراهيم قد أحضر إلي قبل أيام لوحتي «حنون على قبر الشهيد» التي اشتراها لإعدادها للسفر في حال استقر الرأي على السفر. على أية حال هو لا يفكر في السفر، وسوف يذهب مع زوجته وأولاده حتى الحدود الأردنية ثم يعود هو لمتابعة عمله كطبيب... حسبما يقول... والله أعلم"
ـ بدأ الكاتب يغوص في تفاصيل الحياة اليومية لساكني الكويت، ويتجول معهم في شوارعها وأزقتها و أسواقها أو ما بقي من أسواقها.
ـ الكتاب طويل جداً لكني أستمتع بقراءته، ولعل معايشتي لجميع أحداثه تزيدني شوقاً لإكماله، أما الأحداث التي لم أعايشها داخل الكويت فهذه هي أمتع وأنفع ما في الكتاب.
ـ يستطرد الكاتب أحياناً إلى طفولته وشبابه وذكرياته فيها، ومثل هذه الاستطرادات أمر على أسطرها وصفحاتها سريعاً لأنها لا تهمني، وإنما تهمني ذكرياته فقط في هذه الحقبة الدقيقة من تاريخنا وتاريخ المنطقة.
ـ الكاتب فيه صدق واتزان وعدل وإنصاف، إنه عين العقل التي نجحت في تقييم مخاطر ما أقدم عليه صدام حسين وتنبأ بمآلاته على الجميع.
ـ يعبر الكاتب عن رفضه لذهاب الفلسطينيين إلى مدارس الكويت بعد إعادة افتتاحها.
ـ اقتباس رائع: "من ناحية ثانية فإن كل والد ووالدة مهتم بتأمين إكمال الأبناء لتعليمهم إن أمكن، وهو حق ومشروع لو أن التعليم حقيقة هو الهدف الذي تسعى إليه السلطة العراقية المحتلة. ولأنني مقتنع بأن التعليم ليس هو الهدف الذي تسعى إليه السلطة العراقية المحتلة... بل هو محاولة لفرض تسيير الحياة بالقوة والإرهاب... فإنني ضد إرسال التلاميذ إلى المدارس. فليخسر أبناؤنا سنة سنين دراستهم في سبيل عدم تحقيق الهدف السياسي الذي يسعى إليه المحتل. إن أبناء أهلنا في الأراضي المحتلة خسروا ثلاث سنوات من سنين الدراسة حتى الآن في سبيل هدف سياسي... لم لا يخسر أبناؤنا هنا سنة واحدة، على الأكثر، من سنين دراستهم في سبيل هدف سياسي أيضا"
ـ ود الكاتب لو أن الحكومة الكويتية أعلنت أن كل موظف سواء أكان مواطناً أو مقيماً سيتم تعويضه عن الأيام التي لم يعمل فيها، ورجح الكاتب أن مثل هذا الإعلان سيخفف من إقبال الفلسطينيين على العودة إلى أعمالهم لأن الذي دفعهم إلى ذلك هو خوفهم على لقمة عيشهم، غير أني لا أتفق مع الكاتب في رأيه هذا لأن المستقر في أذهان كثير من هؤلاء هو أن الكويت لن تعود كما كانت.
ـ يقع في وهمي أن أجزاء من الكتاب أعيدت كتابتها بعد حين من انتهاء أوان أحداثها، لأن جميع ظنون الكاتب تصيب حتى في أحداث إرهابية احتار كثيرون في معرفة دوافعها كحادثة اغتيال المحجوب، التي ثبت فيما بعد أنها وقعت بالخطأ لأن المستهدف كان حسني مبارك لا المحجوب، والباعث على الريبة أن الكاتب يكاد يجزم أن وراءها جماعة إسلامية متطرفة، وهو ما كان بالفعل!
ـ تنتهي ذكريات الكاتب مع أول أيام تحرير الكويت، ووددت لو أكمله، والطريف أني كنت أتحاشى قراءة أي ذكريات لا علاقة لها بالغزو، ووجدتني بعد الكتاب في شوق لقراءة سيرة حياة الكاتب بعد الغزو ومغادرته للكويت بحسب ما قرأت في ترجمته على الأنترنت.
ـ الكتاب شيق، وليس فيه ما يسيء إلى الكويت وأهلها، بل هو امتداح لهم ودفاع عنهم، مع منافحة مشروعة عن شعبه الفلسطيني والذين تعرضوا لبعض الظلم في الكويت أثناء الغزو.