أيام من مكونو وكورونا
تأليف
إشراق النهدي
(تأليف)
المطرُ ما زال ينهمر بعنف بينما أقود وأنا عائدٌ إلى البيت، سيّارتي تسبح كبطَّة في بركة ماء عميقةٍ بُنيَّة اللَّون، ومسّاحاتها تترنَّح جراء رياحٍ شديدة عاتية. أحسُّ نَفَسي ثقيلًا، وأنّي ألهث من شِدَّة الرَّهبة. حنجرتي ملغَّمةٌ بأشواك متسلِّقة تنغرس في لحمي، وضلوعي تفرقع تحت تأثير الرَّبكة. جسدي كأنَّه يتوهَّج من أثر الحمّى. أتوهَّم نفسي مصابًا بكورونا؛ وأنّي أتحوَّل إلى فيروس مُعْدٍ متنقِّل؛ كعربة مفخَّخة قادرة على تفجير المرض في كلِّ مكان. أنظر إلى الشَّوارع الغارقة المليئة بالكَسَرات في أرضيَّتها، والمباني المنكَّسة رؤوسُها تحت وطأة المطر الغزير. ألمح المحلاتِ المغلَقة، “صلالة مول” الأقرب إلى سكني وقلبي. أمرُّ من أمام جامع "آل البيت" المغلَق. أفتقد مشهد الصِّغار والصِّبيَة الّذين يلعبون دون هوادة، بينما النِّساء بأثوابهنَّ الملوَّنة يمشين طوال الوقتِ ويمارسن الرِّياضة. كلُّ شيء توقَّفَ، بل إنَّ الحياة تجمَّدت. أبدو الوحيدَ الحيَّ على سطح الأرض، أناضل كورونا وهذا الطَّقسَ الرَّديء.