محاضرات في التعليم الفلسفي للدين > مراجعات كتاب محاضرات في التعليم الفلسفي للدين

مراجعات كتاب محاضرات في التعليم الفلسفي للدين

ماذا كان رأي القرّاء بكتاب محاضرات في التعليم الفلسفي للدين؟ اقرأ مراجعات الكتاب أو أضف مراجعتك الخاصة.

محاضرات في التعليم الفلسفي للدين - إيمانويل كانط, جوزيف معلوف
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم



مراجعات

كن أول من يراجع الكتاب

  • لا يوجد صوره
    3

    ما سيلي هو حوار ذاتي أنقد فيه فهمي الكليل للكتاب، لا الكتاب نفسه، فانا لست في موضع يخولني لنقد من نقد العقل نفسه!

    هذا كتاب يمكن عده - إذا استعرنا المصطلحات الإسلامية - أحد كتب علم الكلام، فمدار الكتاب ومحوره كله في الله وصفاته، وبراهين وجوده - العقلية - ومدى ما يمكن أن تمنحنا من معرفة عن الله وصفاته، كما أنه يوضح بحسب رأي كانط ما هو البرهان العملي الوحيد على وجود الله والذي قصره في البرهان الأخلاقي، مع عد سائر البراهين العقلية المحضة مجرد براهين تثبت الإمكانية لا الوجود.

    ففي هذا الكتاب سنجد الجدال الأزلي حول هل الصفات غير الذات أم هي عين الذات، وما هي الصفات التي يمكن أن نثبتها لله بعيدا عن الصفات السلبية، وعن التحسين والتقبيح العقليان، وعن واجب الوجود بذاته وواجب الوجود بغيره، وهل خلق الله العالم عبر فعل إرادي حر، أم أن العالم قد فاض منه بضرورة طبيعته، وهل إرادة الله غير علمه وغير قدرته وغير فعله، أم أن الإرادة هي عين العلم وعين القدرة وعين الفعل.

    كما سنجد التمييز الذي رسخه ابن سينا ما بين الماهية والوجود، وقوله بأن الماهية غير الوجود في كل الأشياء إلا الله فماهيته هي عين وجوده، وهنا نجد كانط يخالفه ويصر على أن الماهية غير الوجود على كل الأشياء بما فيهم الله.

    يحاول كانط في هذا الكتاب أن يخوض أرضا وعرة، فهو يعلم أنه بكلامه قد يهدم اللاهوت المسيحي، وقد يعد عمله كفرا وهرطقة، فحاول أن يخوض حذرا، وأن يلمح أحيانا دون أن يصرح، وأن يبرهن على صحة حرية إرادة الله وعنايته وخلقه من العدم وعن إمكانية المعجزات، في الوقت الذي ينفي فيه كل هذا !

    ففي مسألة صفة الإرادة لله، نجدها يثبتها بينما هو ينفيها، وفي مسألة الخلق عبر تدخل إرادي، يثبتها بينما هو ينفيها، وذلك لأن كلامه كله سيؤول في النهاية إلى أن: الخلق يحدث بضرورة طبيعة الله وجوهره وليس عبر فعل إرادي!

    فالكون كله سيكون واجب الوجود بغيره - بحسب مصطلح ابن سينا - لأنه سواء نتج بالخلق أو الفيض فلابد أن يكون ناشيء من طبيعة الله ومعرفته البسيطة الأزلية بأنه يريد الخلق!، فمسألة أن الله من خلال علمه الكلي يعلم أنه يريد ويعلم أنه قادر ويعلم أنه يعلم هو ما يتسبب في الخلق!

    وإثبات حرية الإرادة لله أمر محوري لكانط، لأنه ما لم يثبت كانط حرية الإرادة لله سيكون قد هدم نظريته الأخلاقية بالكلية، لأن نظريته قائمة على مسلمة وهي حرية إرادة الإنسان، فإذا كان الله يخلق بالضرورة، فلا بد أن تكون أفعال الإنسان أيضا بالضرورة، لأن الله باعتباره أصل الأشياء، فيجب أن يكون مصدر كل الأشياء، فإذا افتقد حرية الإرادة افتقدها الإنسان بالتبعية.ولذلك فقد وجد نفسه مضطرا لإثبات حرية الإرادة في الله حتى لا تنهار نظريته، لأنه إذا كان الله يخلق بالطبع أو الضرورة دون إرادة حرة، فمن الحتمي أن تكون مخلوقاته أيضا بلا حرية إرادة وأنها تتصرف وفقا للطبع وللضرورة، وذلك لأن الله كعلة أولى هو مصدر كل الأشياء، فإن لم يملك المصدر الحرية ، فلن يملكها الفرع.

    ولجأ كانط في هذه المسألة إلى مناورة لإثبات حرية الإرادة، وذلك عندما جعل صفات العلم والإرادة والقدرة والفعل هي عين الذات، فعلمه هو إرادته هو قدرته هو فعله بلا تمايز، فالله يعلم أنه العلة الأولى وأنه يريد الخلق وقادر عليه، فكل المسألة تؤول إلى العلم، ولما كان عالما بكل ذلك، وهو مصدر كل الممكنات، فلا بد أنه خلق كل الممكنات بالعلم والإرادة، وبهذا فهو حر الإرادة!

    طبعا لو تأملنا قضيته سنجد أنها تؤول حتما إلى أن الله يخلق بالضرورة لا بحرية الإرادة، فحرية الإرادة عند كانط هي أن يتصرف الكائن سواء كائن أسمى أو كائن حي مخلوق ذو ذكاء، أن يتصرف وفقا لما يمليه العقل من قواعد أخلاقية كلية قبلية سامية، ولما كان الله لا يتصرف إلا وفقا (للعلم) ولما كان علم الله هو عين إرادته وهو عين قدرته، فإنه لا يتصرف إلا وفقا لطبيعته التي لا تفعل سوى الخير، أما إذا قيل أن حرية الله محدودة لأنه لا يملك أن يتصرف سوى وفقا لإطار معين(فاهمته الأسمى)، وأن الإنسان يمتلك حرية أكبر بأنه يملك أن يتصرف وفقا لبدائل وأنه يختار ما بين بدائل، سيرد علينا كانط بأن تصرف الإنسان وفعله ما لم يكن وفقا لقواعد العقل فهو ليس حرية إرادة بل نقص في الحرية، وأن حرية الإرادة هي موافقة العقل وفقط، وبالتالي أخطاء الإنسان ناتجة عن نقص حريته لا عن حريته!، وأن التصرف الوحيد الصحيح الذي يعبر عن حرية الإرادة هو التصرف وفقا للعقل!

    ولكن ماذا لو كان الإنسان يفعل الشر ليس لنقص فيه ولا لدافع ولا لمصلحة ولا لشهوة، ولكنه فعله لأجل الشر نفسه مع علمه بالقاعدة الأخلاقية الصحيحة، بمعنى أن حرية إرادته في هذه الحالة كاملة كمال حرية إرادة الشخص الخير، وهذا يعني بالضرورة أن كمال الحرية لا يقتضي أن تكون الحرية على وفق المعرفة العقلية الأسمى، وبهذا القول بأن حرية إرادة الله مشروطة بالخير الأسمى لا يمكن إثباتها، وبالتالي إما أن نقول أن أفعال الله ضرورية وأن فعل الخلق هو فعل ضروري نابع من جوهره، وإلا أن نقول أن الله حر الإرادة بشكل مطلق دون شرط!

    وهذا يقودنا إلى مسألة (الإلزام) في نظريته الأخلاقية والتي لم يستطع أن يجد لها حلا، لأن الإنسان قد يعلم علم اليقين أن القاعدة الأخلاقية الصحيحة هي كذا، ولكنه وباختياره الحر يتعمد مخالفتها وهو عالم بصحتها، وهذا يعني أن مجرد العلم الصحيح لا يلزم الإنسان بالقاعدة، فهل الإنسان في هذه الحالة يكون منقوص الحرية ولا يتصرف وفقا لحريته، أم أن حرية إرادة الإنسان ليست في أن يتيع القاعدة الصحيحة ولكن حريته أن يعلم علم اليقين الصحيح ويخالفه؟! وهذا يذكرني بمقولة القديس أوغسطين في أن خطأ الإنسان وخطيئته دليل على حرية إرادته، فأن تعلم القاعدة الصحيحة وتخالفها عالما متيقنا لهو مجال أوسع لحرية الإرادة، يجعل الإنسان مسؤول مسؤولية تامة عن تصرفاته، فالخطأ خطأه، والصواب صوايه، وهو محاسب عليه.

    أما نظرية كانط الأخلاقية فهي قد يكون لها تداعيات خطيرة قد ينتج عنها فظائع، لأنه بقوله أن الإنسان الذي يخطي، يخطيء لأنه يكون منقوص الحرية وأن من يستحق العقاب فقط هو من يعلم القاعدة الأخلاقية ويخالفها عمدا، أما إذا كان حر تماما فإنه لن يخطيء، وهنا كيف يمكن أن نلوم إنسان على خطأه قبل أن نحرره تماما من دوافعه الشخصية ومعوقاته الخارجية؟!، وإذا كان الإنسان حرا تماما وعالما تماما بالقاعدة الأخلاقية الصحيحة، وبالتالي وفقا لنظريته فإن حرية الإرادة مشروطة بالعلم الصحيح ولكننا وجدنا الإنسان يخطيء متعمدا فماذا سنفعل، حينها لا بد أن لا نعاقبه أو نلومه كما يصر كانط أنه لا بد أن نعاقبه ونلومه، لأنه حتى وإن كان يقول أنه يعلم القاعدة الصحيحة ويخطيء متعمدا، فلا بد أن نكون متسقين مع النظرية بأن حرية الإرادة هي فقط حرية الفعل الصحيح وفقا للقاعدة الصحيحة، وأي فعل خاطيء فهو حتما نتيجة لنقص الحرية، وبالتالي فمرتكب الخطأ لا بد وحتما أن يكون منقوص الحرية، ومنقوص الحرية لا يعاقب إلا بتحرير حريته، ولكن إذا تحررت حريته - وفقا لكانط - فإنه لا يخطيء أصلا، إذا فالإنسان غير مستحق للعقاب في كل الأحوال!

    كما أن كانط يقول أن وجود الله ضمانة وحافز لإثابة الصالح، ولكنه أيضا يقول أن الصالح والفاضل يكون فاضلا فقط لأنه يتصرف وفقا للأمر الأخلاقي في حد ذاته دون دوافع ذاتية أو موضوعية وأن مكافأة الله بموجب الفضل الإلهي لا العدل لأن الفعل الأخلاقي واجب في ذاته لا يستحق الإثابة ولكن الإثابة فضل لا عدل، ولذلك لأكون فاضلا يجب أن استبعد وجود الله باعتباره حافز أو ضمانة، بل علي أن اتسامى على دوافعي وغرائزي الذاتية ليكون عملي ليس لشيء ولا لغاية بل للقاعدة الأخلاقية في ذاتها، وهو ما يعني أن الحافز (الله) والضمانة بالإثابة عليها أن تكون غائبة أثناء الفعل الأخلاقي!

    إذا كان الخير ليكون خيرا فيجب أن يفعل لذاته وخضوعا للواجب الأخلاقي المحض، بعيدا عن أي دوافع ذاتية أو موضوعية، ولكن انصياعا لقواعد العقل الأخلاقية العامة، ولكن في هذه الحالة لن يكفي أن نقول أن (الشر) مجرد ناتج ثانوي في طريق تحقيق الإنسان لكماله، وأن الشر ليس موجودا إلا باعتباره ساحة التدريب البشري على الكمال الأخلاقي، لأنه ليكون الشر شرا يلام عليه الإنسان فلا بد أن يرتكبه الإنسان لذاته وليس لأي دوافع ذاتية أو موضوعية، بمعنى أن يعلم مرتكب الشر القاعدة الصحيحة ويخالفها لأجل المخالفة!

    والقول بأنه ارتكبها لدوافع ذاتية (مصالح أو شهوات) فهذا يعني أن حريته مقيده وناقصة بسبب دوافعه الذاتية تلك، فهو ها هنا كالمكره على الفعل، كأن يكره إنسان إنسان آخر على القتل، ولكن الفرق هنا أن المكره خارجي وفي الآخر داخلي، فكيف نعاقب (المكره) على فعل كهذا!

    يبقى أنه فعل الشر ليس لنقص فيه ولا لدافع ولا لمصلحة ولا لشهوة، ولكنه فعله لأجل الشر نفسه مع علمه بالقاعدة الأخلاقية الصحيحة، بمعنى أن حرية إرادته في هذه الحالة كاملة كمال حرية إرادة الشخص الخير، وهذا يعني بالضرورة أن كمال الحرية لا يقتضي أن تكون الحرية على وفق المعرفة العقلية الأسمى، وبهذا القول بأن حرية إرادة الله مشروطة بالخير الأسمى لا يمكن إثباتها، وبالتالي إما أن نقول أن أفعال الله ضرورية وأن فعل الخلق هو فعل ضروري نابع من جوهره، وإلا أن نقول أن الله حر الإرادة بشكل مطلق دون شرط!

    كما ان ذلك يأخذنا إلى مسألة آخرى: القوانين الأخلاقية هي قوانين عقلية محضة ولازمة لكل العقول إنطلاقا من طبيعتها، بمعنى أن الأخلاق موجودة في كل عقل إنساني بموجب طبيعة عقله، ومع افتراضنا حرية الإرادة كمسلمة، فإن الإنسان سيستخدم حرية إرادته هذه للالتزام بالقواعد الأخلاقية، وبا عتبار عموميتها لجميع البشر، فهو هنا سيلتزم بها في إطار التعاون البشري الكلي لتحقيق الغاية الأسمى، الكمال الأخلاقي.

    ولكن ماذا لو وجدنا شخص شرير يرتكب الشر من أجل الشر، لا لأي دافع آخر ، يقول لنا أن للشر قواعد عقلية شاملة ولازمة لكل البشر بموجب طبيعة العقل، وأنه ينصاع لهذه القواعد، بموجب حرية إرادته، لأنه يعلم أن القوانين تلك شاملة وموجودة في كل عقل، فإن لم ينصاع لها، سينصاع لها الآخرون بحكم طبيعتها العقلية اللازمة، والتي إن لم يتبعها سيتبعها الآخرون ويقضون عليه، وأن غاية الغايات في هذا العالم هو الشر الأخلاقي المطلق، وأن الخير ما هو إلا ناتج ثانوي عن الشر، وساحة تدريب نحو الشر الأخلاقي المطلق، والذي إذا تحقق تحقق كمال العالم؟! وأن الإنسان ذئب لأخيه الإنسان، فالأفضل أن تكون الأكثر شرا وعدوانية، اتباعا لقاعدة عقلية تجعلني أتمنى أن تكون الرغبة في الشر والعدوان رغبة عامة ملزمة حتى لا أقع في تناقض، فأنا أرى أن قتل الآخر والسيطرة عليه عند الإمكان هو القاعدة الملزمة مثلا، وفي حال خالفتها لأي دافع آخر، سأقع في تناقض ، لأنها قاعدة عامة في جميع العقول قاطبة، فلا بد أن أختارها ملزما بتطبيقها!

    Facebook Twitter Link .
    0 يوافقون
    اضف تعليق
1
المؤلف
كل المؤلفون