"ألا تعرف أن القلوب سواقٍ... تتناءى ثم تتلاقى وتصب في مجرًى واحد؟"
رواية "سواقي القلوب" هي تجربتي الأولى مع الكاتبة العراقية "إنعام كجه جي"، وبكل تأكيد كانت تجربة مُميزة ومُختلفة، ومؤلمة، للغاية.
من خلال لفيف من الشخصيات نتعرف على حال العراق أثناء الحرب العراقية الإيرانية وما تلى ذلك، حتى غزو الولايات المتحدة الأمريكية للعراق، والذي كان يُعتبر بمثابة نقطة النهاية التي وقفنا عندها، النهاية التي نعرف ما حدث بعدها جيداً، فنرى بوادر المُسببات لتلك النهاية. كاتب ومترجم عراقي منفي بفرنسا بسبب آرائه السياسية، بعقلاً مشغول، وقلباً مغدور من نجواه التي أدارت ظهرها عنه، لتأتي من العدم وتُرسل له قنبلة تحمل اسم "ساري"، وعلى الرغم من التبلد الذي يعيشه والحيرة والتيه، ولكن بكل تأكيد هذا الظهور لن ينساه طوال حياته، من التأثير الذي حدث بسببه.
الرواية على قصرها ولكنها تحمل مواضيع شتى، وحكايات كثيرة، من خلال التلاقي بين الشخصيات المُميزة كالخاتون وزمزم، وسراب، وكلاً يحمل مآسأته على عاتقه، ويعيش، كلاً لديه هدف وغاية ومستقبل يرنو إليه، ولكن كاتبنا، ما هو هدفه؟ لا يعلم! حالة من الحيرة والتشتت والتخبط في كل شيء، العلاقات والقرارت وحتى العمل، الذي وبشهادته نفسه أقر أنه مترجم جيد إلى الدرجة التي تجعله فخور بترجمة لعملاً ما، ولكنه عند نقطة معينة، يتملكه اليأس تحت وطأة سؤال: وماذا بعد؟
ختاماً..
رواية قصيرة ولكن مليئة بالأحداث والشخصيات، سرد "إنعام كجه جي" دافئ، ورغم غرابة بعض المصطلحات العراقية والأرمنية والتركية وإلخ، ولكن لا تزال مفهومة من السياق التي تُذكر به، وبكل تأكيد هذا عمل مشجع لتقرأ باقي أعمال الكاتبة بلا تردد، فمن سمات الكتابة هنا أيضاً أنها لا تتجمل ولا تُزيف ولا تدعي، تكتب بدون خوف أو أحكام مُسبقة، وستجعلك تشمئز وتنفر وتتعاطف مع الشخص نفسه، لأننا بشر، وجميعناً مُتقلبون.
بكل تأكيد يُنصح بها.