الكتاب السابع لعام 2023
التغريبة الفلسطينية – أيام البلاد
# وليد سيف
رحل الرجل الكبير، وتركني بعده أتساءل عن معنى البطولة. أخي الأكبر أبو صالح، أحمد صالح الشيخ يونس، لن تعلن خبر وفاته الصحف والإذاعات، ولن يتسابق الكُتّاب إلى استدعاء سيرته وذكر مآثره. وقريباً يموت آخر الشهود المجهولين؛ آخر الرواة المنسيين.. أولئك الذين عرفوه أيام فتوّته جواداً برياً لم يُسرج بغير الريح.
"فمن يحمل عبء الذاكرة؟ ومن يكتب سيرة من لا سيرة لهم في بطون الكتب؟ أولئك الذين قسّموا أجسامهم في جسوم الناس، وخلّفوا آثاراً عميقة تدلّ على غيرهم.. ولكنها لا تدلّ عليهم!"
# الكاتب وليد سيف:
من موقع ويكا: ابن مدينة طولكرم الكاتب الفلسطيني وليد سيف برز اسمه ككاتب ومؤلف للدراما التلفزيونية فهو من الكتاب الذين توظيف التراث العربي والإسلامي في أعمال تلفزيونية ترتقي بالذائقة، وتلتزم بقضايا الأمة، مثل مسلسل عمر بن الخطاب، والتغريبة الفلسطينية، وصلاح الدين الأيوبي، وملحمة الحب والرحيل، وطرفة بن العبد، وصنفت ثلاثته الأندلسية (صقر قريش، ربيع قرطبة، وملوك الطوائف) بأنها العمل الأبرز في التاريخ الفني في العالم العربي حتى الآن. ويعكف سيف الحاصل مؤخراً على وسام الاستقلال من الدرجة الأولى، على مشروع جديد بدأ به منذ 3 سنوات يتمثل بإعادة كتابة عدد من أعماله التلفزيونية المعروفة في شكل أعمال روائية مقرؤه حيث قدم للقارئ حتى الآن: النار والعنقاء في جزئها الأول: الرايات السود، وجزئها الثاني: صقر قريش، مواعيد قرطبة.
# التغريبة الفلسطينية:
جميعنا شاهد حلقات المسلسل التلفزيوني الشهير بشخصياته العظيمة جولييت عواد وجمال سليمان وابداع المخرج حات على لكن اليوم نقرأ العمل كرواية مقسمة الى جزئيين كما المسلسل ولا يوجد اختلاف الا بمقدار الحبكات التلفزيونية وأساليب النص لكن الرواية تشعرك بتفاصيل الأشخاص بشكل أفضل تعيش معهم واقعا جميلا من صفحة الغلاف التي تمثل قرية فلسطينية مهجرة وعدد صفحات 528 وإصدار الدار الاهلية نعيش التجربة مرة ثانية.
# شخصيات المسلسل:
عشنا مع الشخصيات مرتين في الدراما لكننا لم نستطع الدخول الى خفايا الشخصيات في المسلسل كما الرواية فالرواية تقدم نقدا ادبيا بمساحات واسعة تمكنك من الدخول الى عالم عائلة الشيخ يونس وأبو صالح القائد ومسعود صاحب الفرص الانتهازي الذي قاوم الظلم بذكائه ولي الفعل وعلي صاحب الشهادات وحسن الذي حرم من التعليم فعوض ذلك بالشهادة والقتال وخضرة الفتاة المسكينة التي فقدت زوجها فتم تزويجها غصبا من بخبل وأبو عايد والظلم والمختار والمجتمع المدني والريفي ومن دخل ومن خرج كل هؤلاء وسعتهم الرواية بتفاصيل أكبر ضمن نقد ادبي سلس بسيط مكن القارئ من فهم الحدث بل استنتاج الحدث القادم في لوحات المسلسل كنّا معنيين باسترجاع الذاكرة واختبار براعة إخراجها للمشاهد، أما في الرواية فنحن نواجه أعماقنا وحياتنا وجهًا لوجه، ولا نملك حينذاك إدانة لقطةٍ فائتة عنا؛ فوليد سيف لم يترك لنا مجالًا!و بغض النظر عن إصدار العديد من السير الذاتية والروايات التي تناولت النكبة الفلسطينية، فهذه الرواية في جزئيها هي قطعةٌ فنيّةٌ عبقريّة، مطعّمةٌ بالفصيحة واللهجة والزجل والقصائد والأغاني والأحداث والأسماء.
# احداث الرواية:
- موت الرجل الكبير: من مذكرات علي الشيخ يونس يبدأ الكلام بوفاة الزعيم أبو صالح القائد الكبير وقائد الفصيل الذي حارب أيام الثورة وكان له فضل كبير على الاسرة في تعليم علي وضبط أمور الاسرة فهو كان رب العائلة والاخ الكبير والقائد العظيم لكن استغرب هنا تفاصيل الموت فأبو صالح مات ميتة عادية في غرفة صغيرة داخل مخيم مات منسيا كما عاش منسيا حيث قال على (أدركته في النَّفَس الأخير. وجلست بالقرب من سريره. وبصعوبة بالغة فتح عينيه قليلاً ونظر إليّ دون أن يكون بوسعه أن يقول شيئاً. إلّا من حشرجة ضعيفة. نظر إليّ نظرة غائمة، ثم لاحَ طيف ابتسامة على وجهه. أخذت يده وقبّلتها، ثم تقدّمت برأسي نحوه وهمست: «أنت أبونا وتاج رأسنا. ولولاك ما كنت شيئاً». ثم أغمض عينيه إغماضه الأبد. رحل الرجل الكبير، وتركني بعده أتساءل عن معنى البطولة. أخي الأكبر أبو صالح، أحمد صالح الشيخ يونس، لن تعلن خبر وفاته الصحف والإذاعات، ولن يتسابق الكُتّاب إلى استدعاء سيرته وذكر مآثره. وقريباً يموت آخر الشهود المجهولين؛ آخر الرواة المنسيين.. أولئك الذين عرفوه أيام فتوّته جواداً برياً لم يُسرج بغير الريح.)
- البعد الاجتماعي في القرية والمدينة: يبرز البعد الاجتماعي هنا في تحديث للواقع اليومي للمجتمع الفلسطيني، في الفترة الممتدة ما بين عشرينيات الى اربعينيات القرن العشرين، في سردٍ نَقَلَ لنا العديد من الظواهر الاجتماعية في ذلك الزمان والمكان، حيث عمد الكاتب الى الحديث عن طبيعة المجتمع القروي والمدني عبر وصف دقيق لكل فئة مع تحديد طبيعة الحياة مع ابراز دور الأشخاص في كل فئة من المتعلم والغير متعلم الفلاح والمدني وأسلوب الحياة وصعوبتها مع ابراز رفاهية البعض في المجتمع المدني مقابل الضرائب التي كانت تفرض على الفلاح ولم يتس الكاتب من وصف دقيق لتفاصيل البيوت والشوارع في القرية والمدينة .
- الحمولة: النسب يعني الشرف وعائلة الشيخ يونس عانت من ذلك وجرت عليها المصائب والمكايد والفقر والضنك لانها خرجت من قريتها الى قرية أخرى رغم كونها من حمولة كبيرة لم تعترف بها الا وقت الثورة وهنا أبرز الكاتب أهمية الحمولة حيث يتميز المجتمع الفلسطيني بانه مجتمع عائلات وانساب
- التعليم: كان التعليم للفلاح أساسيا أكثر من المدني لان الأرض لم تكن تعطي الفلاح الفقير الكثير لذلك أصر أبو صالح على تعليم على ذلك التعليم الذي نقل الاسرة نقلة نوعية كبيرة واخرج صاحبها من بيئة الجهل حيث أبرز الكاتب أهمية التعليم فكانت الكلية العربية وبناء مدرسة على ارض الولي أبو النار رغم ان التعليم ابرز بعض الفوارق بين الاخوة في التفكير وخصوصا علي وحسن لكن التعليم أبرز النتائج لأهمية الغلم قبل وبعد النكبة كانه بلسان الحال يقول ضاعت البلاد أيها الفلسطيني فقاتل عدوك بعلمك.
- الثورة وأبو صالح: ابرزت الثورة أبو صالح القيادي الكبير قائد فصيل حطين التي تسابقت القيادات على اطاعته واحترام كلمته حيث كانت لدروس الشيخ القسام واستشهاده فضلا كبيرا على تنشئة القائد بالإضافة الى دورة الكبير في دفع الظلم عن عائلته ضد أبو عايد وكانت الثورة لها كلمتها لولا ان اسقطتها المحسوبيات وحب المناصب مثل فصيل أبو عزمي الذي قتل على يد ابن أخيه صحيح انها أصبحت حسرة في قلبه لأنها اوقفته في المنتصف فلا استطاع العودة كما كان سابقا ولا تمكن من البقاء قائدا بل اصبح بائع في دكان يواجه مجتمع المدينة بتعقيداته في حين احتلت القيادات المدنية اعلى المناصب لأنها فقط تكلمت في الثورة وان لم تقدم لها الكثير الا ما ندر مثل الدكتور
- الحب والزواج يبرز الحب والزواج هنا كل شخص له احتياجه فمسعود يريد الأرض والعزوة وأبو صالح أراد الهروب ولم تعد فتيات القرية تناسبه كما الحياة فيها وخضرة احبت العبد شهيدا أكثر من حيها له عندما كان زوجها. لكن الكاتب أبرز قصة حب عذري جميل بين حسن وجميلة الفتاة التي اتهمت بشرفها وقتلت بدسيسة كبيرة من أبو عايد وهنا أبرز ضعف المرأة الفلسطينية الفلاحة وقوة الرجل فلم تجد جميلة الا دمها لتدافع به عن حبها لحسن ولم يجد حسن الا شجرة زيتون اسمها شجرة جميلة ليدفن فيها حبه.
- وأخيرا السقوط نحن الان سنة 1948 حيث خطط اليهود ونفذوا مخططاتهم عبر الاستيطان في فلسطين وهنا يعود القائد أبو صالح لكن الخوف يسيطر على الفلسطينيون وجيوش الإنقاذ لم تعمل الكثير وكان المشهد الأخير خروج القائد أبو صالح من بيته في حيفا حيث سقطت المدينة وكان الخروج بسيطا حيث كان هناك املا بالعودة فلأداعي لحمل اية غرض سوى الأساسي منه ولو كان الراديو الذي حلمت ام صالح به كثيرا لولا ان جلبه علي لها.
- ونكمل قريبا مع حكايا المخيم