خيوط ليلى
ل شيرين فتحي
تقول شيرين فتحي:
"لا أستطيع أبدًا أن أتخيل مصير الحكايات التي ينتهي منها مؤلفوها، هل تخبو أصواتهم إلى الأبد؟، أم تراهم يعودون للظهور مع كل قارىء جديد؟ وماذا عن الكتب التي لا يقرأوها أحد؛ ألن يرجع أبطالها أبدًا آلى الحياة؟!
"لكل كاتب شيطانه"
فأسأل الكاتبة ترى من سطر هذه الرواية؟
غلاف العمل بروفيل امرأة يشبه رؤوس نساء تماثيل ولوحات العصور الماضية.. هذه المرأة تحيك بإبر التريكو والخيوط نسيج ما مبهج اللون.. خلف وجهها سماء مشرقة تتدرج بالألوان حتى الجزء السفلي حتى نجد ورود متفتحة مشرقة تجعلنا نتفاءل بما سنقرأه..
كلمات الخلفية تم اختيارها بعناية وبمهارة فهي فقرة تجذب القارىء وتجعله يفتح العمل لمعرفة ما هذا الذي تتحدث عنه الكاتبة..
وفي مدخل الرواية نبدأ الحكاية: فمن الكلمات يبدو لنا انصهار امرأة ما بكتابة لها حتى أنها لم تعد تدري هل هي إحدى بطلات كاتب ما؟ هل كانت تحلم؟ أم أن ما يحدث لها حقيقي؟
وندخل مع الكاتبة للرواية لنجد أنها تقلب ما سبق وأن قرأناه بإسلوب شيق فنرى ليلى بطلة حبيسة عمل أدبي في درج اغلق عليها منذ عامين.. وذلك لأنها تمردت على الكاتب رشيد وأرادت أن تغير مسار حياتها بالرواية ..
كان رشيد أديب يترك لبطلاته مساحة من الحرية بشرط أن يعطينه كل شيء ولا يتمردن، كن يخرجن من بين طيات الكتب ويعشن حوله ورقية زوجه الغيور..
ولكنه أغوى ليلى كما تقول:
"لكن رشيد أغواني في الجزء الثاني من الرواية بأن أكتب حكايتي على جداري، أقول أغواني لأن الكتابة غواية يا رشيد، أنت أدرى بغوايتها مني".
أبدعت الكاتبة في وصف احدى البطلات والتي جعلها رشيد تصاب بالسرطان ورغم هذا يهملها في درج مكتبه فلا هو يشفيها ولا هو يطلق عليها رصاصة الرحمة ..
فنجدها تقول لليلى حينما التقيا في الدرج:
"المرض مهين يا ليلى، يجعلك مباحة للآخرين طوال الوقت".
وها هو جسدها كان ملكًا لسواها لسنوات طوال خلت حتى مرضت فاستلمته منهم وهو في أسوأ حالاته وأصبح يخصها وحدها..
أما ليلى فكان عشقها الخيوط وإبر الكروشية والتريكو فكانت تنسج بهم كل ما تحب.. خاصة وأن رشيد خلقها وربطها بخيوط في الرواية في الأربعين من عمرها فعاشت بلا ماض وأصبحت بلا حاضر أو مستقبل حبيسة درج..
أجادت الكاتبة ببراعة وصف خيوط شعور الأم التي تترك وليدها الغير مكتمل النمو في الحضانة فلا تستطيع لمسه أو إرضاعه وكيف يسمى هذا الوليد باسمها وكأنهم يعلمون أنها الأكثر معاناة كما تقول..
كما أجادت الحكي عن خيوط الرجل المسيطر والمرأة المنسحقة تحت أوامره ورغباته المتضادة في آن واحد.. حتى أن ليلة خافت تلبيتها وعبد الرحيم ملقى على فراشه مصابًا بالشلل خوفًا من ردود أفعاله المغايرة لطلباته..
جاءت النهاية مغايرة لسرد الرواية وجعلتني أخرج من الخيال لاصطدم بواقع لم أكن أريده كقارئة أو ككاتبة وتمنيت عدم وجودها أبدًا..
من الكلمات التي أعجبتني كثيرًا بالعمل:
-كنت أمتلىء بطاقة قد تكفي لإضاءة عالم بأكمله، ربما لهذا كنت أتلذذ المشي في شوارع بلا إضاءة، شعاع النور الخارج من رأسي كان غالبًا ما يرشدني إلى طريقي..
شكرًا ليلى ورقية وناهلة وليلة ورشيد وباقي الأبطال، والشكر كل الشكر لشيرين على هذا العمل الجديد والمميز
#نو_ها