"رغم ما أنفق أولئك الراقدون في الضريح من أموال لينمقوا حقيقة الموت، فإن الجمال لم يفلح في هزيمة صدق الفناء، ورغم ما يدب في أحياء الفقراء من حياة وتدافع أنفس، إلا أن الفقر أبى أن يعيش هو والجمال في مكان واحد." - نيران توبقال للقطري فيصل الأنصاري 🇶🇦
أحياناً، أحن لقراءة نصوص أدبية تستلهم الأساطير كي أفلت، ولو لسويعات، من جبروت الواقع. في هذه الرواية المليئة بالمتناصّات، يحملنا الأنصاري إلى مدينة مراكش المغربية، ويزج بنا في خضم أحداث جسيمة وقعت في القرن السابع عشر الميلادي، حين أعلن أبو العباس بن عبد الله السجلماسي أنه المهدي المنتظر وتحرك بصحبة أتباعه ومؤيديه للسيطرة على مراكش.
وعلى هذه الخلفية التاريخية، وعطفاً على ارتباط مراكش في أذهان الكثيرين بالسّحر، نسج الأنصاري خيوط قصته التي أرادها "ثوباً" يضفي بعداً ميتافيزيقياً على تاريخ هذه الواقعة، فنجد جبل توبقال وقد تحول إلى مملكة لأرواح المشعوذين، ومرآة العرافين قد صارت "نافذة المصير" التي تتحكم بمصائر الجموع. يسهب الأنصاري في وصف بدائع مراكش ما بين قصور وجوامع وأضرحة بلغة عذبة وحساسية أدبية شديدة التهذيب، كما أن اختياراته للشخوص والأمكنة والظروف المحيطة بها تسمح بانبعاث رؤى تحث على التفكر في طبيعة الخير والشر، الصلاح والفسق، وغيرها من الجدليات التي قد تختلط علينا في الحياة لعدم وضوح الرؤية.
تحمل الرواية أصداء الملاحم الخيالية الكبرى، وإن لم تبلغ من الخيال مداه، ولا من الفِكر منتهاه.
#Camel_bookreviews