الكتابة على الماء
تأليف
محيي الدين شكور
(تأليف)
محمد عبد القادر عبداللي
(ترجمة)
كنت أسير مع الشيخ في شوارع المدينة في وقت متأخّر من أمسيات الخريف، بعد فترة وجيزة من قبولي مريداً. وعند مرورنا إلى جانب مقبرة، خرجت من فم الشيخ الكلمات التالية:
الكتاباتُ التي تعود إلى قرون... التي نقَشها الإنسان على الحجر، هي كالكتابات المنقوشة على الماء لدى الله.
مرَّت سنوات عدَّة قبل أن أسمع هذه الكلمات مرَّة ثانية. كرَّرها مرَّة أخرى في أحد الأيام التي ودَّعنا فيها شهر رمضان توّاً، واجتاحت معاني هذه الكلمة العميقة قلبي بكلِّ حلاوة نسيم معطّر برائحة الياسمين. لا يوجد سلام ولا أمن ولا أيّ شيء يمتلك صفة الأزل سوى الله تعالى. على مدى قرون، سعى الناس إلى كشف تعويذة الكون، والعثور على مفتاح لفتح الكنوز، ولمس الهدوء الحلو لحياة خالية من الهموم والقلق وتذوّقه وعيشه. في الواقع، ما تطارده قلوب الناس المتلهّفة كان دائماً ما يطلبه كلّ باحث: حالة من اللذَّة دون وجود تهديد مثل اليأس أو الغموض أو الانفصال. ومع ذلك، غالباً ما يبحث الناس عمَّا فقدوه في المكان الخطأ، وينقشون في أذهانهم فكرة أنَّ الأشياء الماديَّة في العالم ستحلّ هذه الأحجية.