يقف محمد حافظ رحب في صدارة كتاب القصة القصيرة في مرحلة الستينيات بل إنه فارس من فرسان التجديد الفني؛ الذي رسم قصص هذه الفترة استند في تجاربه، وفي رؤيتهن وفي دعوته إلى الفن وحده دون غيره من الوسائل والأساليب والأدوات استطاع بصوته المنفرد الصادق مع نفسه أن يصرخ في وجوه التقليديين من الكتاب؛ رافضًا أسلوبهم وفكرهم، قائلاً: "نحن جيل بلا أساتذة"
وأيًا ما كان رأينا في هذه المقولة؛ فإنا نزعم أنه تحمل تبعاتها وحده. وظل يصارع التيار حتى صرعه. فاعتكف بعد عودته إلى الإسكندرية: قارئًا متصوفًا، محايدًا خافت الصوت.
محمد حافظ رجب الأعمال الكاملة (١٩٣٥- ٢٠١٠)- الجزء الأول
نبذة عن الكتاب
لا بد لأي دراسة جادة عن أدب الستينيات أن تبدأ بمحمد حافظ رجب، لأنه أول من فجّر قضية الأدب الجديد وطرح الأسئلة حول هويته في مطلع هذا العقد الغريب ولأنه أول من نقل قضية الكتابات الجديدة من منطقة الهواجس المبهمة والإرهاصات المبعثرة الغامضة إلى نطاق التنازل العقلي والإدراك الشعوري، ولأنه أول من استشعر ضرورة البحث عن أساليب تعبيرية ومنطلقات بنائية طازجة تتمكن الأقصوصة عبرها من استيعاب هذا التغير الشامل في الحساسية وهذا الانقلاب الجذري في النمط البشري الذي تستقطب همومه، ولأنه بلور البدايات الحقيقية للتحول الكبير في الرؤية والأسلوب الذي صاغت كتابات الستينيات بقية ملامحه, وإذا كانت بعض هذه البدايات قد تجاوزت من قبل كتّاب آخرين من نفس الجيل فإننا لا نستطيع أن ننكر استشراف محمد حافظ رجب الباكر لإطلالات هذا التحول الوشيك، وصراخه الدائم بغية التملص من أهاب الرؤى القديمة والأشكال القديمة والذي بلغ ذروته في قولته المشهورة: "نحن جيل بلا أساتذة". تلك الصرخة التي تنطوي على قدر من الحقيقة ومقدار من الافتعال. وتتجلى حقيقتها في أنها كانت بالفعل تعبيرًا عن نزوع له جذوره العميقة لتجاوز الجمود المكرور في الإبداع الأدبي وهو يعالج قضايا مطالع الستينيات بنفس الأسلوب الذي تناول به هموم الأربعينيات، وتجسيدًا لحنين هذا الجيل الجديد إلى التحرر من قبضة الجيل القديم والانفلات من إسار رؤاه وأساليبه التي تشكلت في مناخ قيمي مغاير إلى أقصى حد لذلك المناخ الذي يعيشه أبناء الستينيات كما أنها كانت صرخة ضرورية لتنبيه الواقع الأدبي إلى أن ثمة رؤى جديدة تتخلّق بعيدًا عن كل التصورات القديمة وإلى أن التغيرات الجذرية التي انتابت الواقع الحضاري قد أسفرت عن نفسها في إنتاج هذا الجيل الذي عانى أكثر من غيره من عملية التغيير ومن سيطرة الطابع التجريبي عليها. هذا الجيل الذي ما كاد يتعلم الكلام حتى ارتفعت في وجهه مختلف أنواع الكوابح، وجد لزامًا عليه أن يبتكر لغة جديدة تتسرب مفرداتها من بين جدائل الكوابح القوية. ومن هنا كان محمد حافظ رجب مصيبًا في صرخته "نحن جيل بلا أساتذة" لأنه من الجيل الذي اكتوى بعذابات صياغة هذه اللغة الجديدة التي تتميز بقدرتها على الإفضاء برغم كل الكوابح فلم يجد من هذه الناحية لدى الأجيال السابقة حفنة من المصطلحات أو حتى المفردات القادرة على التواؤم مع معاناته الدامية، بل فوجئ بانقلاب الكثير من هؤلاء (الأساتذة) أثناء عملية التغيير الحادة في سلم القيم الاجتماعي، وتنكرهم للفكريات والقيم التي ارتفعت بهم ثم أثروا في لحظة الغرق أن يدوسوا فوقها حتى لا يجرفهم الطوفان. وتكشف بعضهم في لحظة الخطر عن بهلوانات بارعة تجيد اللعب على كل الحبال والحديث بكل لغات برج بابل فما كان الأحرى به أن يتنصل من هؤلاء الأساتذة وأن يرفع في وجههم عصا العقوقعن الطبعة
- نشر سنة 2011
- 616 صفحة
- [ردمك 13] 9789774901125
- دار العين للنشر
تحميل وقراءة الكتاب على تطبيق أبجد
تحميل الكتاب
101 مشاركة