ماذا لو أعتمد الرئيس أو المدير في أي مؤسسة على أهل الثقة لا أهل الخبرة؟
سيكون مصيرها كمصير (بتروجلوب) ستتآكل من الداخل أولا دون أن يشعر أحد ثم فجأة و دون سابق إنذار ستنهار كلية. و هذا خطأ وقع فيه من قبل سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه و أرضاه عندما استعان ببني أمية حديثي العهد بالإسلام في إعانته على تدبير شئون حكمه فكان مروان بن الحكم إبن عمه السبب الرئيسي في استشهاده و إنا لله وإنا إليه راجعون.
أكاد أقسم أن تلك الرواية رغم قسوتها لم تكن محض خيال من الكاتب و لكنها تجربة شخصية خاض غمارها و خرج منها منسحبا بعد أن أدرك أنه لا جدوى.
لا أدري كيف قرأت هذه الرواية في يوم واحد أو جلسة واحدة تخللتها صلاة الجمعة؛ لكن و أنا أقرأها لم أشعر بالوقت، للكاتب أسلوب ساحر، و لأنني موظف في الأساس كنت صيدا سهلا.
و أنا اتجول بعيني فوق الكلمات شعرت أنني بحضرة نجيب محفوظ يقص علي اللص و الكلاب أو ثرثرة فوق النيل، أدرك أنه ليس هو و اطمئن نفسي بذلك ثم أعود فأستغرق في القراءة فتعاودني نفس الظنون مرة أخرى خصوصا في حوار أستاذ أشرف مع سماح، أو مؤامرات السعيد مع ألاضيشه.
كيف للإنسان أن يتلون تلون الحرباء ناثرا ماء وجهه تحت أقدام من يعلونه لينال رضاهم.. حتى الكلاب تمتنع عن الأكل الذي يلقى إليهم بإهانة!. و كيف يعرض الإنسان المبادئ في مزاد علني لمن يطئ كرامته و يكسر له عينه يفقد القدرة على رفعها مرة أخرى و يتخنزر الإنسان و يسلك سلوك الخنازير.
الإجابة هي الحياة!، الحياة هي الفرن الذي يصهر الجميع بداخله و يعاد ترتيب جزيئاته. فصاحب المعدن الأصيل من يتفق مظهره مع جوهره يبقى كما هو، أما المنافق المطلي بماء الذهب تزول تلك القشرة و يظهر القبح بقرنيه يفحش و يوقح.
هذه الرواية لامست قلبي و صعقته، أشعلت الصراع بداخلي بعد أن وصلت لسلام نفسي زائف قائم على عدم النقاش بين شقي نفسي فسقطت سارقة الأرواح بينهم فدمرت الجدار الفاصل فتنازع المعسكران مرة أخرى حول حياتي و العمل
شق يؤمن أن عملي لا أتركه قط إلا جثة هامدة و شق آخر ساخط يضرب كل هذا عرض الحائط، و كنت قد وصلت لاتفاق، أن نمسك منتصف العصى و هدأت المشاحانات لولا سقوط قنبلة محمد إسماعيل عمر.
هذه الرواية ثوب جديد زاهي للرواية الواقعية. استثناء فريد من حيث السرد و بناء العبارات الرصينة، أبتعد الكاتب عن التكلف و أخرج مخزون التلقائية كله في تلك الرواية فظهرت كأنها بستان بديع ألوانه زاهية تسر القارئين لا باهتة و لا فاقعة. الكاتب مهندس اتصالات تأثر فيما يبدو بمحاضرات (الأنتنه و السيركت) فصنع رواية لها القدرة على الوصول للقلب مباشرة بلا حاجة لأي أبراج.
لماذا لا يتم تحويل هذه التحفة الفنية لعمل فني؟
Mohamed Ismail Omar ♥️♥️♥️