الرواية تتخذ من أكثر الفترات سوداوية في تاريخ مصر مسرحًا لأحداثها، تظن في البداية أنها رواية جريمة، ثم يطوف بك الكاتب بين قصص وحكايات شخصياتها على ألسنتهم لتنغمس في حكايات اجتماعية، ثم وتطوف بك داخل أروقة سوق العقارات المعقد ورجال الأعمال، ثم غياهب الجريمة والبلطجة، ثم أروقة المحاكم، والتي الخيانة فيها تعتبر عملًا روتينيًا كما جاء على لسان المحامي، ثم تتجمع الخيوط ثانية لتبدأ القصة الفعلية من الجزء الثاني للرواية، ولن يكون شغلك الشاغل وقتها هو من القاتل، بل العلاقات التي تربط الشخوص، من خلال حكاياتهم وخيالاتهم وأحلامهم، سهام المتسلطة الغير سوية، منى المخلصة، شعبان المتفاني هشام الانتهازي وأحمد رفعت الحائر، وغيرهم من شخصيات ثانوية تظن أن كل شخص فيهم هو بطل العمل، ويتضافر كل ذلك على خلفية من أحداث الثورة والانقلاب العسكري وفض رابعة والنهضة وما يصاحب تلك الحوادث الجسام من تغيرات جذرية في كل شيء وإلى الأبد.
الكاتب اتخذ من أسلوب الراوي المتعدد طريقًأ للسرد، وهو أسلوب صعب جدًا على وجرأة من الكاتب في أول عمل له.
المميزات:
كل شخصية تروي الأحداث على لسانها تشعر أنها فعلا هي من تروي وليس شخص واحد (الكاتب) فيتغير أسلوبها وتفكيرها ومعتقداتها.
اللغة رصينة مباشرة جيدة.
الرواية تحمل بداخلها قصص صغيرة تجتمع في النهاية في قصة كبيرة.
العيوب:
الإسهاب في تفاصيل لا حاجة للقارئ لمعرفتها (تم وصف طريقة عمل المكرونة البشاميل بالكامل).
صوت الكاتب كان واضحًا يطلع علينا كثيرًا داخل القصة رغم محاولات الكاتب اخفاؤه.
رواية الشخوص كأنها حديث مع النفس أكثر من كونها رواية، فهم يفصحون عن أسوأ وأقبح مكنوناتهم وأفكارهم وأفعالهم.
الرواية وجبة دسمة من الأحداث العامة والخاصة والتحقيقات والصور المتحركة وقصص الأشخاص وخلفياتهم وتطوراتهم بما يتناسب مع الأحداث التي تحدث لهم، وطافت بنا بنظرة مدققة متمعنة داخل عالم العقارات الشرس في مصر، وأظنها أول رواية تفعل ذلك، أحيي الكاتب عليها.
ملاحظة لا أرى وجود حاجة لعمل جزء ثاني للرواية كما ذكر الكاتب في نهايتها.