يوميات قراءتي لكتاب "ذكريات التنوير والمكابدة" لعلي محمد الشبيبي
ـ لم أتوقع أن يكون الكتاب على هذا النحو من المتعة الذي وجدته عليه، فبدايته تحكي قصة القرى العراقية قبيل الحرب العالمية من خلال ذكريات معلم بدأ حياته التعليمية فيها، وسرد ذكرياته مع معلمي المدراس والبيئة القروية التي ينحدر منها طلاب المدراس، إنه يصفها بدقة تليق بمثقف واعٍ.
ـ أسلوب المؤلف في بعض مواضع الكتاب فيه شيء من الالتواء بحيث يضطر القارئ إلى إعادة قراءة الفقرة ليفهم.
ـ يستعمل المؤلف العامية في بعض العبارات فيستغلق فهمها على القارئ غير العراقي.
ـ يزيد متعتي بالكتاب وصفه لحياة بغداد في الأربعينات والخمسينات الميلادية.
ـ تقليد قرع الجرس في الجامعات العراقية قديم جداً، وهي انفردت بالاحتفاظ به إلى الآن.
ـ قام ابن الكاتب بتحقيق كتاب أبيه وقد أفسده بنقله الهوامش التي كتبها المؤلف في وقت متأخر من هامش الكتاب بالأسفل إلى نص الكتاب.
ـ أسلوب الكتاب يضعف في بعض المواضع، وأرد هذا التفاوت إلى كتابته على مراحل زمنية متباعدة.
ـ يصح وصف هذا الكتاب بأنه وثيقة تاريخية للحياة الاجتماعية والفكرية والدينية والسياسية والاقتصادية في العراق قبيل الحرب العالمية الأولى.
ـ يؤيد الكاتب ما حصل لجثة "نوري السعيد" من تمثيل لها بعد قتله يقول عن نوري: "وانتهى أمره بالخزي والعار إذ فر مرتدياً زي النساء ولا يدري أين يتوجه حتى مزقته الجماهير الغاضبة"
ـ روى الكاتب قصة إغواء إحدى النساء له وكيف تورع عن ممارسة الفاحشة معها صوناً منه لأعراض الناس رغم أنه شيوعي، ثم روى الكاتب بعد عشرات الصفحات قصة مشابهة للشيوعي العراقي الكبير "فهد" لكن قصة فهد هذه بل بعض قصصه تجعله أقرب إلى القديسين منه إلى الشيوعيين الذين يؤمنون بشيوعية الأعراض! وأنا يمكن لي أن أصدق ما رواه الكاتب عن عفته الشخصية، أما ما رواه عن عفة "فهد" فبعيد المنال عن التصديق.
ـ ما كتبه الباحث عن الفتنة بين الصحابة ليس بذي قيمة ليس لأنه يتكئ على مذهب متحيز فحسب بل وتوجه أحمر.
ـ حديثه عن عبدالكريم قاسم شيق إذ قل من الشيوعيين من يوجه له هذا النقد القاسي والسخرية اللاذعة.
ـ يروي المؤلف أن عبدالكريم قاسم كان صديقاً لنوري السعيد، وأن الأخير كان يثق به ويكن له مشاعر ود فياضة؛ وإذاك فالمؤلف يتهم عبدالكريم قاسم ضمنياً بالخيانة! لكن مهلاً فكل الضباط الذين انقلبوا على قادتهم ورؤسائهم خونة، ولم يكن هؤلاء ليصلوا إلى رتبهم ونفوذهم لو لم يمنحهم هؤلاء ثقة مطلقة استغلها هؤلاء في الانقلاب عليهم، إنه تاريخ يعيد نفسه مراراً.
ـ أورد المؤلف ـ عن دون قصد ـ صورة للرعب الذي أشاعه الشيوعيون في العراق إبان حكم "عبدالكريم قاسم" إذ اكتشف طلبة إحدى المدراس (يصفهم المؤلف بأنهم صغار)" صورة لعبدالكريم قاسم مزقها أحد المعلمين، فكان أن حملوا على هذا المعلم وتنادوا فيما بينهم على طلب الحبال ليشنقوه، ولنتذكر أن التلويح بالحبال بل والذبح بها كان أسلوباً اشتهر به الشيوعيون في تلك الفترة وأشهروه ونفذوه دوماً في وجه خصومهم، وحول أعناقهم.
ـ النصوص التي كتبها المؤلف بعد استيلاء البعث على الحكم عام 1968م فيها قدر من النقد الجريء أستبعد أن يكون المؤلف كتبه حقاً في تلك الفترة والأقرب أن المحقق زاده من عنده! يشفع لهذا الظن أن المحقق تحدث في بداية الكتاب عن الرسائل الخاصة التي كان والده يرسلها إليه وهو في بلاد أوربا أواخر حياته وكيف كان والده يحرص على استخدام الرموز أثناء تناوله للأحداث التي يمر بها العراق آنذاك أو الظروف التي يعيشها في ظل حكم البعث الجائر.
ـ الكاتب شيوعي ومع ذلك فإنه شيعي الهوى ولا يمر موقف حوار إلا نجده يفزع للانتصار لهم ودفع الشبه التي يلقيها عليهم خصومهم وإن كان بقدر من الاعتدال لا نجده عند المعميين الشيعة لكن لنتذكر أن كاتبنا شيوعي وليس متديناً، ولا أرى ذلك مفارقة، فعلمانيو الشيعة علمانيون مع العلمانيين ومتمذهبين مع المتمذهبين.
ـ معاناة الكاتب مع الفصل من الوظيفة نموذج لمعاناة المعارض السياسي حين ينتقم منه نظام بلده بحرمانه من لقمة عيشه ومن عمله الذي تعيش منه أسرته.
ـ الأبيات العامية التي يضمنها الكاتب ثقيلة على القارئ غير العراقي.
ـ الكتاب شيق رغم طوله، وتراوح أسلوبه، وتقديمه وتأخيره، وكثرة هوامشه وملاحقه.