#ريفيوهات
"الضفة الثالثة لنهر الأردن.......عصير الخيال والواقع"
1- رؤى مختلفة
-صنعت تلك الرواية شكلا غريبا لسرد الوقائع، تتشابه مع رواية الاعترافات لربيع جابر في كونها تهتم لعلاقة الراوي مع الحدث، إذ يعلق وينتقي أحداثا بعينها برؤيته الخاصة، إلا أن المميز هنا هو لعبة يتراقص فيها الخيال مع الواقع، يحيطه ويتخلله فيصيرا نسيج واحد، فيقف القارئ مشوشا بين الراوي الهائم وبين شخوص مذكورة "كبلال أو محمد أو عبد الله وحتى الرجل ذا اللحية القريب" لأنها تتلاقى في نقاط معينة تشعر أنها شخص واحد، يمكن أن يقصد بها الكاتب وحدة الغربة وطبيعتها الواحدة التي لا تتغير...ربما ذلك
2-حقيقة معراة
- والواضح من وصف الكاتب "بغض النظر عن تحفظي منه" نجد أن مقصودها يلتصق بمفهوم الحرية عنده، ليس حرفيا ولكن إن ركبنا الخيال بها يتضح بأنه يرى الحرية كشفا للحقيقة وتنفسا للخيال ليسرح بعيدا تحت ضوء يدله ويسامره ويلمس بها عنان سمائه "ولذلك تكون الجبال والقمر والخضرة رفاق خياله"
-وعلى النقيض تجد في أحلك لحظاته يعيد ذلك المزج "بين الخيال والواقع كما قلنا" ترتيب مفاهيمه وتتفاعل مع مخاوفه لتزيدها حتى تصل لنقطة الهرب التي ينفلت بها الخيال باحثا عن فردوسه المفقود
3- نقاط
وبما أن الكاتب يرى أصل كل الحياة نقطة، فليس يخفى وجودها وصفا أو بدلالة في أغلب أحيان الرواية، وربما نراها فاصلة بين عالمين مثل سرد بلال عن أحداث أيلول الأسود أو فترة تطوعه للمقاومة، أو فترة حب الراوي لدانا، أو ما بين الاعتق.ال والخروج، فهي نقطة ثبات بداخلها دوران بين الماضي والحاضر والمشاعر المتناقضة بنفس الطاقة والقوة، إلى أن تتفكك لتسلمنا لنقطة جديدة، وبما أن أصل الحياة نقطة فإن كل ذلك لا يتعدى النقطة بين الحياة والموت "كما في رؤيته للجثة البيضاء"
4- الحصان الأخضر "بين شيء ولا شيء"
في دوامة الكاتب، أجد في تمثيله للحصان الراضي لحدوده وقوته مثلا للتفرد، وهو ما يحاول السعي له، حيث أن الاندماج مع الكون والدعوة للانغماس فيه أصبح معتادا في نظره، والهامشية لا تزال تقيده "بتلصصه ومحاولة التعايش اللحظي مع المارة" فهنا الروعة تكون للشيء الواحد الذي يعرف أن صهيله يموت عند شفتيه، فلا يجره طموحه ليقف حائرا أمام ما بيديه
الخلاصة: عمل مدوخ قليلا بسبب كثرة التشبيهات، إلا أنه عمل مبهر في سرده وحواره القليل في تجسيده لمعاناة صاحبه ومعاناة من حوله ومعاناة المغترب عموما.