البهيجي ليست مجرد رواية انما هي فسحة ثقافية ورحلة عبر الزمن تعبق خلالها رائحة طمي النيل ونسائم الحرب.
السرد مشبّع بالمفردات القديمة التي كانت مستخدمة نتيجة التزاوج بين لغة المحتل التركي وعربية الشعب المصري الممتزجة بما ورثه من ثقافة ولغة المصريين الأجداد ، فلا نستطيع تهميش أي من محتوى الحواشي الغنية بمعاني الكلمات.
البهيجي ثلاثة غصون سردها الكاتب في رواية واحدة شكلت شجرة تاريخية متينة، حفيف أوراقها شجن وأنين المظلومين والضعفاء رغم نقاء خضرتها ورسم شمس مصر خطوطا جميلة على وجهها ويديها.
خط الكاتب لنا طريقا واحدا للحب في القصص الثلات المتقاطعة ، وهو طريق الألم والفراق رغم قوة العشق بين الشخصيات على حد سواء بين فلاح ومترجم وحاكم، بين مصري وغريب يحكم مصر.
ما وجدنا بالرواية حركات مقاومة جماعية انما كانت محاولات فردية تقريبا للدفاع عن النفس او الانتقام من الظالمين والعسس، ولعل الكاتب أراد إظهار تهالك الشعب بالفترة الممتدة بين حكم المماليك وحكم باني مصر الجديدة، على جماجم أهلها.
البهيجي بصفحاتها المشبعة وأسلوب السهل الممتنع الذي اعتمده الكاتب يجعلنا نطمع بالمزيد من السرد ، فتجد القاريء يتعطش لنهايات بترت كأنما تعدنا بلقاء قادم وستارة سوف تفتح من جديد، ثم نعي أننا لسنا أمام شاشة سينما وصوت النهر وحفيف النخيل ونبض قلب صفية وصوت خطوات أمينة هانم.. انما هي كلمات مرسومة على صفحات وليست مشاهد يجسدها ممثلون، لذلك نختبىء خلف مخيلتنا ونجرؤ على رسم نهايات، فربما هرب محمد وفرح الى الشام ،او ربما عادوا لفاطمة وصفية والعرضحالجي ذائع الصيت، فهل ينتهي طريداً من كانت شفاعته من قصر الباشا !