#ماراثون_القراءة_مع_بيت_الياسمين
هذا كتاب آخر لعباس العقاد جرى اختزال عنوانه على نحو خطأ. فالطبعة الأولى من الكتاب صدرت سنة 1955 بعنوان: "مطلع النور أو طوالع البعثة المحمدية". ولم يدلنا أحد بعد عن السبب وراء ذلك. مع أن العنوان الأصلي يدل على مضمون الكتاب بشكل أوفي وأشمل. فهذا كتاب يطلعنا على أحوال العالم، وكذلك أحوال جزيرة العرب، وأحوال الأسرة الهاشمية، التي سبقت بعثة النبي محمد عليه الصلاة والسلام. فنتعرف على الأديان التي كانت منتشرة هنا وهناك.. ومنظومات القيم والأخلاق التي حكمت المجتمعات، وكذلك الأحوال السياسية والاجتماعية والثقافية في جزيرة العرب وجيرانها، والظروف التي عاشت فيها قبائلها، وخاصة أسرة النبي محمد عليه الصلاة والسلام وقبيلته.
*****
الكتاب يتألف من مقدمة وعشرة فصول. في المقدمة يتحدث عن مضمون الكتاب بصفة عامة، والهدف منه.
ثم يتناول في الفصل الأول المقدمات التي سبقت البَعْثة المحمدية. لكنه يدعونا أن يكون رائدنا في متابعة هذه المقدمات بنوعيها أن ننظرَ في الآيات الكونيَّة والمعاني التاريخيَّة. وألا نركز فكرنا علي المعجزات والخوارق. ثم يعرض علينا ما جاء في كتاب «محمدٌ في الأسفارِ الدِّينيَّة العالمية» لمؤلفه «مولانا عبد الحق فديارتي»، من ذكر لرسولنا محمد عليه الصلاة والسلام بالاسم والوصف والعلامات، في كتب البرهمية، وكتب زرادشت التي اشتهرت باسم الكتب المجوسية، وكذلك كتب العهد القديم والعهد الجديد.
وفي الفصل الثاني يعطينا صورة وافية شاملة لما آلت إليه أديان العالم قبيل البعثة المحمدية؛ المجوسية واليهودية والمسيحية. ويستكمل حديثه في الفصل التالي لكن مع التركيز على كيفية دخول هذه الأديان الثلاثة إلى جزيرة العرب واستقرارها هناك. ثم تطرق إلي تاريخ الكعبة لأنها تمثل الديانة الأم لقبائل الجزيرة، حتى وإن رانت عليها أوضار الوثنية.
الفصل الرابع يستعرض تاريخ فكرة النبوة لدى البشر.. بدءًا بخدام المعابد والأمناء الذين تكشف لهم الآلهة عن بعض من الغيب.. ثم الكاهن أو الرائي الذي يختاره الإله للنطق بلسانه، والجهر بوعده ووعيده.. والعبرانيون لم يسموا الرائي عندهم باسم النبي إلا بعد اتصالهم بالعرب في شمال الجزيرة.. فهي عند العرب -بمعناها ومفهومها- تاريخيًا أسبق. وحتى بعد أن عرف اليهود الكلمة فقد ظل المفهوم ملتبسًا عليهم لعهود، فيها كانت مهمة النبي -كما يفهمونها- أن يعلم الغيب ويأتيهم بالنبوءات عن المستقبل. كل ذلك التاريخ الذي سرده وأسهب في بيانه، أفضى به إلى الحديث عن النبوة الخاتمة؛ نبوة الهداية.
وبعد أن تبيننا مفهوم النبوة الصحيح، ومهمة النبي التي كلفه الله سبحانه بآدائها، يتقدم بنا العقاد خطوة إلى الأمام في الفصل الخامس، فيحدثنا عن نشأة الأنبياء بصفة عامة، ويزيدنا بيانًا بذكر نماذج لها هم إبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام.. ويختم السلسلة بنبوة محمد عليه الصلاة والسلام ورسالته.
بعد ذلك الفصل السادس وعنوانه دين الإنسانية. هو نفسه دين التوحيد الذي جاء به المرسلين جميعا، ولكن تبلورت واكتملت فيه فكرة "المسئولية الفردية". فتصدي لها العقاد بالشرح والبيان والمقارنة مع أفكار الكتابيين قبل الإسلام حولها.
وفي بقية الفصول ينتقل بنا الكتاب إلى مكة، لنطالع صفحات عن الكعبة، وأخرى عن أسرة النبي عليه الصلاة والسلام.
*****
هذا كتاب موسوعي لعملاق الأدب العربي، يجوب فيه بنا تاريخ العالم ومعتقداته وفلسفاته وفكره... وتنتهي بنا المسيرة معه في مدينة مكة المكرمة حيث ولد الرجل الذي غير هذا التاريخ.. خاتم المرسلين محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام.